كما كلمه موسى ونظر إليه، فإنا لن نؤمن لك حتى تفعل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن موسى لن ينظر إليه، فنزل قوله تعالى " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا " ذكره النقاش والواحدي والثعلبي. وقد احتج بهذه الآية الشافعي في القديم فيمن حلف ألا يكلم رجلا فأرسل إليه رسولا أنه حانث، لان المرسل قد سمى فيها مكلما للمرسل إليه، إلا أن ينوى الحالف المواجهة بالخطاب قال ابن المنذر: واختلفوا في الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فكتب إليه كتابا أو أرسل إليه رسولا، فقال الثوري الرسول ليس بكلام. وقال الشافعي في الجديد: لا يبين أن يحنث. وقال النخعي: والحكم في الكتاب يحنث. وقال مالك يحنث في الكتاب والرسول وقال مرة: الرسول أسهل من الكتاب. وقال أبو عبيد: الكلام سوى الخط والإشارة وقال أبو ثور " لا يحنث في الكتاب " وقال ابن المنذر لا يحنث في الكتاب والرسول. وقال القرطبي وهو قول مالك أما قوله تعالى قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا " قال أبو الشعثاء جابر بن زيد رضي الله عنه، إن زكريا عليه السلام لما حملت زوجه منه بيحيى أصبح لا يستطيع أن يكلم أحدا، وهو مع ذلك يقرأ التوراة ويذكر الله تعالى، فإذا أراد مقاولة أحد لم يطقه (قلت) والرمز في اللغة الايماء بالشفتين، وقد يستعمل في الايماء بالحاجبين والعينين واليدين، وأصله الحركة. وقيل طلب تلك الآية زيادة طمأنينة.
المعنى تم النعمة بأن تجعل لي آية، وتكون تلك الآية زيادة نعمة وكرامة، فقيل له " آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام " أي تمتنع من الكلام ثلاث ليال.
وقال النحاس، قول قتادة إن زكريا عوقب بترك الكلام قول مرغوب عنه، لان الله لم يخبرنا أنه أذنب ولا أنه نهاه عن هذا، اه ثم إن في هذه الآية دليلا على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام، وذلك موجود في كثير من السنة. وآكد الإشارات ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم من أمر الجارية حين قال لها أين الله؟ فأشارت برأسها إلى السماء، فقال أعتقها فإنها مؤمنة فأجاز الاسلام بالإشارة الذي هو أصل الديانة الذي يمنع الدم والمال وتستحق