لا يطلق اسم الريحان الا على الضميران ومأواه لا يسعى إلا بأسمائها. وان حلف لا يشم المشموم حنث بالجميع، لان الجميع مشموم، وان شم الكافور أو المسك أو العود أو الصندل لم يحنث لأنه لا يطلق عليه اسم المشموم. وان حلف لا يشم الورد والبنفسج فشم دهنهما لم يحنث لأنه لم يشم الورد والبنفسج، وان جف الورد والبنفسج فشمهما ففيه وجهان (أحدهما) لا يحنث، كما لا يحنث إذا حلف لا يأكل الرطب فأكل التمر (والثاني) يحنث لبقاء اسم الوردة والبنفسج.
* * * (الشرح) في قوله تعالى " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل " الآية، هو يعقوب عليه السلام. روى الترمذي عن ابن عباس " أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال كان يسكن البدو فاشتكى عرق النساء فلم يجد شيئا يلائمه إلا لحوم الإبل وألبانها فلذلك حرمها، قالوا " صدقت " وذكر الحديث.
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي: أقبل يعقوب عليه السلام من حران يريد بيت المقدس حين هرب من أخيه عيصو، وكان رجلا بطشا قويا، فلقيه ملك فظن يعقوب أنه لص فعالجه أن يصرعه، فغمز الملك فخذ يعقوب عليه السلام ثم صعد الملك إلى السماء ويعقوب ينظر إليه، فهاج عليه عرق النساء ولقى من ذلك بلاء شديدا، فكان لا ينام الليل من الوجع ويبيت وله زقاء - أي صياح - فحلف يعقوب عليه السلام ان شفاه الله عز وجل ألا يأكل عرقا، ولا يأكل طعاما فيه عرق فرحمها على نفسه، فجعل بنوه يتبعون بعد ذلك العروق فيخرجونها من اللحم واختلف هل كان التحريم من يعقوب باجتهاده أم بإذن الله تعالى؟ والصحيح الأول لان الله تعالى أضاف التحريم إليه بقوله " إلا ما حرم " وأن النبي إذا أداه اجتهاده إلى شئ كان دينا يلزمنا اتباعه لتقرير الله إياه على ذلك، وكما يوحى إليه