(والثاني) أنه يبر لأنه حصل بكل سوط ضربة، ولهذا لو ضرب به في حد الزنا حسب بكل سوط جلدة (الشرح) قوله: فقال الله عز وجل " وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث " ذهب المفسرون في تفسير هذه الآية مذهب الإسرائيليات التي تغفل السياق ومواقع الكلم. وحكموا في ذلك أحاديث بعضها موقوف وبعضها مرفوع لم يصح منها سوى حديث " بينا أيوب يغتسل إذ خر عليه رجل من جراد من ذهب " الحديث. وإذ لم يصح عنه فيه إلا ما ذكر القرآن فإنا ذاكروا ما قاله ابن العربي لموافقته مذهبنا في تأويلها. قال ما ذكره المفسرون من أن إبليس كان له مكان في السماء السابعة من العام فقول باطل، لأنه أهبط منها بلعنة وسخط إلى الأرض فكيف يرقى إلى محل الرضا ويحول في مقامات الأنبياء ويخترق السماوات العلى، إن هذا لخطب من الجهالة عظيم، إلى أن قال:
وأما قولهم: إنه قال لزوجته أنا إله الأرض، ولو تركت ذكر الله وسجدت أنت لي لعافيته، فاعلموا وإنكم لتعلمون أنه لو عرض لأحدكم وبه ألم وقال هذا الكلام ما جاز عنده أن يكون إلها في الأرض وأنه يسجد له وأنه يعافى من البلاء فكيف أن تستريب زوجة نبي؟ ولو كانت زوجة سوادي أو قدم برجوى ما ساغ لك عندها وأما تصويره الأموال والأهل في واد فذلك ما يقدر عليه إبليس بحال، ولا هو في طريق السحر، فيقال إنه من جنسه. إلى أن قال: والذي جرأهم على ذلك وتذرعوا به إلى ذكر هذا قوله تعالى " إذ نادى ربه أنى مسني الشيطان بنصب وعذاب " انتهى.
قلت: الذي يتفق مع نظام الذكر الحكيم والتذكير المتين أن الله تعالى أراد أن يسلى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بجهاد الأنبياء قبله وصبرهم على الضرر والبلاء فليس من المناسب أن يقول له: أذكر عبدنا أيوب كيف حلف أن يضرب امرأته مائة سوط، فقلنا له خذ عرجونا به مائة شمراخ فاضربها به ولا تحنث انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب.