ووجه الأول أن حقه في قطع اليد ولم يحصل، وإنما قتله فقد ضمنها مع النفس بالدية.
قال ابن الصباغ ويلزمه أن يقول فيه: إذا بذلها مع العلم بها وسرت أيضا، أن يكون مستوفيا لليمين، لان البدل فيما استحق إتلافه لا يمنع استيفاء الحق، وإنما تكون سرايتها هدرا فيما لا يستحقه (مسألة) إذا اختلفا فقال المقتص: بذلت اليسار وأنت عالم بأنها اليسار وأنه لا يجزئ قطعها عن اليمين، وقال الجاني بذلتها ولم أعلم أنها اليسار أو لم أعلم أن قطعها لا يجزئ عن اليمين فالقول قول الجاني مع يمينه لأنه أعلم بنفسه، وإن حلف كان الحكم فيه حكم ما لو صادقه المقتص على أنه بذلها ولم يعلم أنه اليمين:
وإن نكل الجاني حلف المقتص وكان الحكم فيه حكم ما لو أقر الجاني انه بذلها مع علمه أنها اليسار وأنه لا يجزى قطعها عن اليمين، فإذا وجب له القصاص في اليمين فأنفقا على أن يقتص منه باليسار بدلا عنها لم يقع عن اليمين، لان ما لا يجوز قطعه بالشرع لا يجوز بالتراضي، كما لو قتل غير القاتل برضاه ولا قصاص على المقتص لأنه قطعها ببذل صاحبها ويجب عليه دية اليسار فإن كان عالمين بأن ذلك لا يجوز أثما، وإن كانا جاهلين لم يأثما، وإن كان أحدهما عالما والاخر جاهلا أثم العالم منهما. وهل يسقط حق المقتص من القصاص في اليمين؟
فيه وجهان:
(أحدهما) يسقط لأنه لما رضى يأخذ اليسار عن اليمين صار ذلك عفوا منه عن اليمين. فعلى هذا يجب دية يد وله دية يد فيتقاصان إن استويا، وان تفاضلا بأن كان أحدهما رجلا والاخر امرأة، أو كان المقتص مسلما والجاني كافرا رجع من له الفضل بماله من الفضل (والثاني) لا يسقط حقه من القصاص في اليمين، لأنه إنما رضى باسقاط حقه من القصاص بأن يكون اليسار بدل اليمين، فإذا لم يصح أن يكون بدلا عنها كان حقه باقيا في المبدل كما لو صالح على الانكار: فعلى هذا ليس له أن يقتص في اليمين إلا بعد اندمال اليسار، قال ابن الصباغ: والأول أصح لان غرضه قد حصل له وهو القطع.