لتعذر استيفائها، فإذا لم تجب حال الجناية لم تجب بعد ذلك. دليلنا أن القصاص إنما تعذر لمتصل به، فإذا زال ذلك المتصل كان له استيفاء القصاص، كما لو قتلت حامل غيرها ثم ولدت - فإن لم يصبر صاحب الوسطى وقطع الوسطى والعليا فقد فعل مال لا يجوز له على المقتص منه فيجب عليه ديتها، وقد استوفى القصاص في الوسطى، فإن قطع العليا من أصبع زيد، وقطع العليا والوسطى من تلك الإصبع من عمرو، فإن حضرا معا وطلبا القصاص اقتص زيد من العليا لأنه أسبق واقتص عمرو من الوسطى وأخذ دية العليا. وكذلك إن حضر زيد وحده فله أن يقتص من العليا، وإن حضر عمرو فليس له أن يقتص لان حق زيد تعلق في العليا قبله، وإن خالف واقتض من العليا والوسطى فقد أساء بذلك، ولكنه يصير مستوفيا لحقه، ويكون لزيد دية الأنملة العليا على الجاني.
(فرع) ذكر الطبري في العدة: لو كان المجني عليه أربع أنامل في أصبع فله أربعة أحوال:
أحدها: أن يقطع من له ثلاث أنامل أنملة من الأربع فلا قصاص عليه.
وان قطع أنملتين من الأربع قطع من الجاني أنملة ويغرم الجاني التفاوت فيما بين النصف والثلث من دية الإصبع، وان قطع له ثلاث أنامل قطع منه أنملتين ويغرم ما بين ثلثي دية أصبع وبين ثلاثة أرباع ديتها، وإن قطع له أربع أنامل قطعت أنامل القاطع الثلاث ووجب عليه مع ذلك زيادة حكومة، فأما إذا كان للقاطع أربع أنامل وللمقطوع ثلاث أنامل فله ثلاثة أحوال، أن قطعت أنملة منه قطعت أنملة منه ويغرم الجاني ما بين ثلث دية أصبع وبين ربعها، وهو خمسة أسداس بغير، وان قطع أنملتين قطع منه أنملتين ويغرم التفاوت بين نصف دية الإصبع وثلثيها. وإن قطع جميع أنامله قطع منه ثلاث أنامل ويغرم التفاوت بين ثلاثة أرباع دية الإصبع وجميع ديتها - وهو بعيران ونصف - فعل هذا لو بادر فقطع أصبعه عزر ولا شئ عليه من الدية. وفيه وجه أن له قطع أصبعه بخلاف اليد التي لها ست أصابع، لان تلك الزيادة ظاهرة في منفصلات كاليدين.