وقال أبو حنيفة: هو بالخيار بين أن يأخذ دية يده وبين أن يقتص من يد الجاني ولا شئ له. دليلنا قوله تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ويد الجاني ليست مثل يد المجني عليه، ولأنه استوفى بعض حقه فكان له أرش ما لم يستوفه كما لو قطع له إصبعين ولم يجد له إلا واحدة (فرع) وإن قطع ذو يد لها أظفار يد من لا أظفار له لم يجز القصاص لان الكاملة لا تؤخذ بالناقصة، فإن سقطت أظافره قطعت ولو لم يكن لواحد منهما أظافر حالة القطع يقتص منه، فلو ثبت للقاطع أظافر قبل أن يقتص منه لا يقتص لطروء الزيادة، ويجوز أن يأخذ اليد التي لا أظفار لها باليد التي لها أظفار، لأنها أنقص من يده (فرع) وإن قطع أنملة لها طرفان - فإن كانت أنملة القاطع لها طرفان من تلك الإصبع بتلك اليد فللمجني عليه قطعها لأنها مثل حقه، وإن كانت أنملة القاطع لها طرف واحد فللمجني عليه أرش الأنملة، فإن قال المجني عليه أنا أصبر على القصاص إلا أن تسقط الأنملة الزائدة واقتص في الأصلية - كان له ذلك، لان له تأخير القصاص، هذا ترتيب البغداديين كما أفاده صاحب البيان وقال المسعودي: إن علمت الأصلية منهما قطعت إحداهما ويغرم الجاني التفاوت ما بين سدس دية أصبع وثلثها (فرع) وإن قطع أنملة من سبابة رجل وقطع الأنملة الوسطى من تلك الإصبع من رجل آخر - فإن جاء المجني عليهما - قطعت العليا لصاحب العليا وقطعت الوسطى لصاحب الوسطى، وإن جاء صاحب الوسطى أولا وطلب القصاص لم يكن له ذلك، لأنه لا يمكن قطعها من غير قطع العليا، ويكون بالخيار بين أن يأخذ دية الأنملة وبين أن يصير إلى أن يقتص صاحب العليا لو سقط بأكلة - وهي ما تسمى الغنغرينة - وهكذا إن عفا صاحب العليا عن القود ولم يقطع الأنملة العليا من إنسان لكن قطع الأنملة الوسطى من رجل جاء صاحب الوسطى يطلب النقصان وللجاني الأنملة العليا والوسطى، فللمجني عليه أن يصبر إلى أن تقطع العليا أو تسقط ثم يقتص من الوسطى.
وقال أبو حنيفة لا قصاص له لأنه حين قطعها لم يجب القصاص عليه فيها