مرض كانت الأم أحق بتمريضه، لان المرض صار كالصغير في الحاجة إلى من يقوم بأمره، فكانت الأم أحق به، وإن كانت جارية فاختارت أحدهما كانت عنده بالليل والنهار ولا يمنع الاخر من زيارتها من غير إطالة وتبسط، لان الفرقة بين الزوجين تمنع من تبسط أحدهما في دار الاخر، وإن مرضت كانت الأم أحق بتمريضها في بيتها. وإن مرض أحد الأبوين والولد عند الاخر لم يمنع من عيادته وحضوره عند موته لما ذكرناه، وإن اختار أحدهما فسلم إليه ثم اختار الاخر حول إليه، وإن عاد فاختار الأول أعيد إليه لان الاختيار إلى شهوته وقد يشتهى المقام عند أحدهما في وقت وعند الاخر في وقت فاتبع ما يشتهيه كما يتبع ما يشتهيه من مأكول ومشروب. وإن لم يكن له أب وله أم وجد خير بينهما، لان الجد كالأب في الحضانة في حق الصغير فكان كالأب في التخيير في الكفالة، فإن لم يكن له أب ولا جد - فإن قلنا إنه لاحق لغير الأب والجد في الحضانة - ترك مع الأم إلى أن يبلغ، وإن قلنا بالمنصوص إن الحضانة تثبت للعصبة، فإن كانت العصبة محرما كالعم والأخ وابن الأخ خير بينهم وبين الأم، لما روى عامر ابن عبد الله قال " خاصم عمى أمي وأراد أن يأخذني فاختصما إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فخيرني على ثلاث مرات فاخترت أمي، فدفعني إليها " فإن كان العصبة ابن عم. فإن كان الولد ابنا خير بينه وبين الأم، وإن كانت بنتا كانت عند الأم إلى أن تبلغ، ولا تخير بينهما، لان ابن العم ليس بمحرم لها ولا يجوز أن تسلم إليه.
(الشرح) حديث أبي هريرة باللفظ الذي ساقه المصنف رواه النسائي وأخرجه أبو داود بلفظ فيه زيادة فقال استهما عليه " ولأحمد معناه لكنها قال فيه " جاءت امرأة قد طلقها زوجها " ولم يذكر فيه قولها " قد سقاني من بئر أبى عنبة وقد نفعني " ورواه أحمد وأبن ماجة والترمذي وصححه مختصرا بلفظ " أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه، ورواه بلفظ المصنف أيضا بقية أهل السنن وابن أبي شيبة وصححه الترمذي وابن حبان وأما خبر عامر بن عبد الله فقد أخرجه الشافعي في الأم في باب أي الوالدين