فلان تجب على الأم وولادتها من جهة القطع أولى وتجب عليها نفقة ولد الولد لما ذكرناه في الأب، ولا تجب نفقة من عدا الولدين والمولودين من الأقارب كالاخوة والأعمام وغيرهما، لان الشرع ورد بإيجاب نفقة الوالدين والمولودين ومن سواهم لا يلحق بهم في الولادة وأحكام الولادة، فلم يلحق بهم في وجوب النفقة.
(الشرح) نبدأ بأشرف ما في الفصل من كلام ربنا تبارك وتعالى، فقوله تعالى " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " أي أمر وألزم وأوجب. قال ابن عباس والحسن وقتادة: ليس هذا قضاء حكم بل هو قضاء أمر. وقال ابن تيمية: القضاء قضاءان، قضاء كوني وقضاء شرعي، والقضاء الشرعي كقوله تعالى " وقضى ربك " وفي مصحف ابن مسعود " ووصى " وهي قراءة، وقرأه ابن عباس وأبى قال ابن عباس إنما هو " ووصى " فالنصف إحدى الواوين فقرئت " وقضى " إذ لو كان على القضاء ما عصى الله أحد. وأنكر أبو حاتم أن يكون ابن عباس قال ذلك وقال: لو قلنا ذلك لطعن الزنادقة في مصحفنا قلت: بخ بخ لأبي حاتم، إذ كيف تلتصق الواو في جميع المصاحف بالصاد فتتحول من ووصى إلى وقضى.
قال علماء الكلام: القضاء يستعمل في اللغة على وجوه، فالقضاء بمعنى الامر كقوله تعالى " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " والقضاء بمعنى الخلق كقوله تعالى " فقضاهن سبع سماوات في يومين " والقضاء بمعنى الحكم كقوله تعالى " فاقض ما أنت قاض " والقضاء بمعنى الفراغ كقوله قضي الامر الذي فيه تستفتيان " وقوله تعالى " فإذا قضيتم مناسككم " وقوله فإذا قضيت الصلاة " والقضاء بمعنى الإرادة: كقوله تعالى " إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " والقضاء بمعنى العد كقوله تعالى " وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر " وأما قوله تعالى " ملة أبيكم إبراهيم " قال القرطبي: وإبراهيم هو أبو العرب قاطبة. وقيل الخطاب لجميع المسلمين وإن لم يكن الكل من ولده، لان حرمة