على قولين (أحدهما) يجب المهر لأنه وطئ في نكاح قد تشعث (والثاني) لا يجب لان بالرجعة والاسلام قد زال التشعث، فصار كما لو لم تطلق ولم يرتد. وحمل أبو العباس وأبو إسحاق المسألتين على ظاهرهما فقالا في الرجعة: يجب المهر، وفى المرتد لا يجب، لان بالاسلام صار كأن لم يرتد، وبالرجعة لا يصير كأن لم تطلق لان ما وقع من الطلاق لم يرتفع، ولان أمر المرتد مراعى، فإذا رجع إلى الاسلام تبينا أن النكاح بحاله، ولهذا لو طلق وقف طلاقه، فإن أسلم حكم بوقوعه، وإن لم يسلم لم يحكم بوقوعه، فاختلف أمرها في المهر بين أن يرجع إلى الاسلام وبين أن لا يرجع، وأمر الرجعية غير مراعى، ولهذا لو طلق لم يقف طلاقه على الرجعة، فلم يختلف أمرها في المهر بين أن يراجع وبين أن لا يراجع فإذا وطئها وجب عليها العدة لأنه كوطئ الشبهة. ويدخل فيه بقية العدة الأولى لأنهما من واحد.
(الشرح) أخرج أبو داود والنسائي عن ابن عباس في قوله تعالى " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " الآية. وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها، وان طلقها ثلاثا فنسخ ذلك: الطلاق مرتان وفى إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال وقال الشافعي رضي الله عنه في قوله تعالى " إن أرادوا إصلاحا " فقال: إصلاح الطلاق الرجعة والله أعلم، فمن أراد الرجعة فهي له لان الله تبارك وتعالى جعلها له قال الشافعي: فأيما زوج حر طلق امرأته بعدما يصيبها واحدة أو اثنتين فهو أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها بدلالة كتاب الله عز وجل ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن ركانة طلق امرأته البتة ولم يرد الا واحدة، فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عندنا في العدة اه وقوله " قد تشعث " مأخوذ من شعث الشعر وبابه تعب أي تغير وتلبد لقلة تعهده بالدهن. والشعث أيضا الوسخ. وهو أشعث أغبر، أي من غير استحداد ولا تنظف. والشعث أيضا الانتشار والتفرق، وفى الدعاء " لم الله شعثكم " أي جمع أمركم.