فكان أعرف بعين من طلقها، وليس البيان إلى شهوته وهو أن يعين الطلاق فيمن يشتهى منها، وإنما يرجع إلى نفسه ويتذكر من التي طلقها منهما، ويستدل على ذلك من نفسه، فيخبر عنها، ويؤخذ بنفقتهما لأنهما محبوستان عليه. فان قال: طلقت هذه حكم عليها بالطلاق من حين طلق، ويكون ابتداء عدتها من ذلك الوقت، لا من حين عين، لأنه أخبر عن عين المطلقة منهما وقت طلاقه فان كذبته المعينة لم يفد تكذيبها له، وإن كذبته الأخرى وادعت أنها هي المطلقة حلف لها، لان الأصل عدم طلاقها، وان أقر أن التي طلقها هي الثانية بعد الأولة حكم بطلاقهما بإقراره، فإن قال: طلقت هذه، لا: بل هذه طلقتا جميعا في الحكم لأنه أقر بطلاق الأولة فقبل ثم رجع عن ذلك وأخبر بطلاق الثانية فلزمه حكم اقراره الثاني ولم يقبل رجوعه عن طلاق الأولة.
وان قال: لم أطلق هذه - قال الشيخ أبو حامد: - حكم عليه بطلاق الأخرى لأنا قد تيقنا أنه طلق إحداهما، فإذا قال: لم أطلق هذه، كان اعترافا منه بأن التي طلقها هي الأخرى.
(فرع) وان كن ثلاث زوجات فطلق واحدة بعينها وأشكلت فقال: طلقت هذه، لا: بل هذه، أو طلقت هذه، بل هذه هذه، طلقن جميعا، لأنه أقر بطلاق الأولة ثم رجع عن طلاقها وأقر بطلاق الثانية ثم رجع عن طلاقها وأقر بطلاق الثالثة فلزمه حكم اقراره، ولم يقبل رجوعه كما لو قال: على درهم بل دينار بل ثوب.
وان قال: طلقت هذه بل هذه أو هذه، طلقت الأولة وواحدة من الأخريين ولزمه أن يعين الطلاق في إحدى الأخريين، وان قال: طلقت هذه أو هذه لا بل هذه طلقت الثالثة واحدى الأولتين، ويلزمه التعيين في إحدى الأولتين.
وان قال طلقت هذه وهذه أو هذه طلقت الأولتان أو الثالثة، ولزمه البيان. وان قال: هذه أو هذه وهذه، طلقت الأولة أو الأخريان ويلزمه البيان.
وقال أبو العباس بن سريج: تطلق الثالثة. واحدى الأولتين لأنه عدل عن لفظ الشك إلى واو العطف، فينبغي أن لا تشاركها في الشك فتكون معطوفة