وقال المسعودي: فيه قولان بناء على أن تفويض الطلاق إليها تمليك أو توكيل، وفيه قولان، إن قلنا: تمليك اشترط القبول فيه على الفور، وان قلنا: توكيل بقدر بالمجلس، هذا مذهبنا، وقال الحسن البصري وقتادة: لها الخيار أبدا، واختاره ابن المنذر.
دليلنا ما روى عن عمر وعثمان أنهما قالا: إذا خير الرجل امرأته وملكها أمرها فافترقا من ذلك المجلس ولم تحدث شيئا فأمرها إلى زوجها، وكذلك روى عن ابن مسعود وجابر ولا يعرف لهم مخالف، وإن قال: طلقي نفسك متى شئت كان لها ذلك لأنه قد صرح لها بذلك.
(فرع) إذا فوض إليها الطلاق أو خيرها ثم رجع قبل أن يطلق أو يختار بطل التفويض والتخيير. وقال ابن خيران: لا يبطل، وبه قال مالك وأبو حنيفة كما لو قال لها: إذا اخترت فأنت طالق، ثم رجع قبل أن تختار، والمذهب الأول لان النص إنما هو تمليك أو توكيل، وله الرجوع فيهما قبل القبول، وان قال لها: طلقي نفسك فإن طلق بالكناية مع النية وقع الطلاق، والثاني وهو قول ابن خيران وابن عبيد: أن من خير ونوى لم يقع، والأصح الأول لان الكناية مع النية كالصريح، وان قال لها: طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة أو طلقتين وقع عليها ما أوقعت، وقال أبو حنيفة: لا يقع عليها شئ.
دليلنا أن من ملك ايقاع الثلاث ملك ايقاع الواحدة والاثنتين كالزوج، وان قال لها: طلقي نفسك واحدة فطلقت ثلاثا وقع عليها واحدة، وقال مالك لا يقع عليها شئ، دليلنا أن الواحدة المأذون فيها داخلة في الثلاث فوقعت دون غيرها.
وقال ابن القاص: ولو قال لها: طلقي نفسك ان شئت واحدة فطلقت ثلاثا أو قال: طلقي نفسك ان شئت ثلاثا فطلقت واحدة لم يقع الطلاق عليها لأنه فوض إليها الطلاق في الأولة بشرط ان شاء واحدة، وفى الثانية بشرط ان شاء ثلاثا ولم توجد الصفة فلم يقع.
قال الطبري: فإن أخر المشيئة بأن قال: طلقي نفسك ثلاثا ان شئت فطلقت