إذا ثتب هذا - وقلنا يقع الطلاق - نظرت، فإن كان صادقا فيما خبر به من الطلاق وقع عليها الطلاق في الظاهر والباطن، وإن لم يكن طلاق قبل ذلك وإنما كذب بقوله نعم، وقع الطلاق في الظاهر دون الباطن، فإن قال أردت أنى كنت علقت طلاقها بصفة، قبل منه لأنه يحتمل ما يدعيه (فرع) إذا قال لامرأته أنت طالق لولا أبوك لطلقتك، فذكر المزني في فروعه أنها لا تطلق لأنه ليس بإيقاع للطلاق، وإنما حلف بطلاقها إنما يمسكها لأجل أبيها وأنه لولا أبوها لطلقها، كما لو قال والله لولا أدبك لطلقتك. قال صاحب الفروع ويحتمل أن يقع عليها الطلاق لان قوله لولا أبوك لطلقتك كلام مبتدأ منفصل عن الأولة، ولهذا ينفرد بجواب، والأول هو المشهور. فإن كان صادقا بأن امتنع من طلاقها لأجل أبيها لم يقع الطلاق لا ظاهرا ولا باطنا، وإن كان كاذبا وقع الطلاق في الباطن دون الظاهر، الا أن يقر بكذبه فيقع في الظاهر أيضا، فإن قال أنت طالق لولا أبوك أو لولا الله لم يقع عليها الطلاق.
والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وأما الكناية فهي كثيرة، وهي الألفاظ التي تشبه الطلاق وتدل على الفراق، وذلك مثل قوله أنت بائن، وخلية وبرية وبتة وبتلة وحرة وواحدة وبيني وابعدي واغربي واذهبي واستفلحي والحقي بأهلك وحبلك على غاربك، واستتري وتقنعي واعتدى وتزوجي وذوقي وتجرعي وما أشبه ذلك، فإن خاطبها بشئ من ذلك ونوى به الطلاق وقع، وان لم ينو لم يقع، لأنه يحتمل الطلاق وغيره، فإذا نوى به الطلاق صار طلاقا، وإذا لم ينو به الطلاق لم يصر طلاقا، كالامساك عن الطعام والشراب لما احتمل الصوم وغيره، إذا نوى به الصوم صار صوما، وإذا لم ينو به الصوم لم يصر صوما وان قال أنا منك طالق، أو جعل الطلاق إليها فقالت طلقتك أو أنت طالق فهو كناية يقع به الطلاق مع النية، ولا يقع من غير نية، لان استعمال هذا اللفظ في الزوج غير متعارف، وإنما يقع به الطلاق مع النية من جهة المعنى، فلم يقع به