نصفها ولا يملك شيئا منها لأن يد صاحبها لم تزل عنها، وإذا مد انسان زمام ناقة من موضع إلى موضع ولم يكن صاحبها عليها كان عليه ضمانها وإن كان صاحبها عليها لم يلزمه ضمانها لأن يد مالكها لم تزل عنها.
وإذا غصب انسان دارا فزوقها أو جصصها كان لصاحبها نقله منها لأنه شغل ملك غيره بملكه، وإن لم يطالب بذلك فأراد هذا الغاصب النقل كان ذلك له لأن ذلك عين ماله وضعها في ملك غيره فجاز له نقلها منه، فإن قلع الغاصب ذلك بمطالبته أو غير مطالبة ولم تنقص الدار عما كانت قبل التزويق والتجصيص عليها كان عليه أجرة المثل من وقت الغصب إلى وقت الرد وإن نقصت وجب عليه أرش النقص والأجرة جميعا، فإن طالب مالك الدار بالنقل فقال الغاصب: قد وهبت مالي فيها من تزويق وما أشبه ذلك لك، لم يلزم صاحبها قبول ذلك منه لأن الأصل براءة الذمة من وجوب قبوله.
وإذا اختلف اثنان فقال أحدهما: غصبتني عبدا، وقال الآخر: غصبتك ثوبا، كان القول قول الغاصب لأن الغاصب معترف بثوب والمدعي لا يدعيه بل يدعي عبدا والمدعى عليه ينكر ذلك فكان القول قول المدعى عليه مع يمينه، وإذا اختلف اثنان في جارية فقال الغاصب: كانت برصاء أو جذماء أو ما أشبه ذلك وأنكر الآخر ذلك كان القول قول صاحبها مع يمينه لأن الأصل السلامة والغاصب يدعي خلاف الأصل، وإن اختلفا فقال صاحبها: كانت تقرأ القرآن أو هي صانعة فأنكر الغاصب ذلك كان القول قول الغاصب لأن الأصل أن لا قراءة ولا صنعة.
وإذا غصب انسان من غيره مالا بمصر فاجتمع به في مكة فطالبه به ولم يكن في نقله مؤونة مثل الأثمان كان له المطالبة سواء كان الصرف في البلدين متفقا أو مختلفا لأنه لا مؤونة في نقله في العادة، وإن كان لنقله مؤونة وكان له مثل كالأدهان والحبوب فإن كانت القيمتان في البلدين متساوية كان له المطالبة بالنقل لأنه لا مضرة في ذلك عليه، وإن كانت القيمتان مختلفين فالحكم له فيما له مثل وفيما لا مثل له سواء فللمغصوب منه إما أن يأخذ من الغاصب بمكة القيمة بمصر وإما أن يترك حتى يقبض منه بمصر لأن في