ويضمن الغاصب ما يفوت من زيادة قيمة المغصوب بفوات الزيادة الحادثة فيه لا بفعله كالسن والولد وتعلم الصنعة والقرآن - سواء رد قيمة المغصوب أو مات في يده - لأن ذلك حادث في ملك المغصوب منه لأنه لم يزل بالغصب وإذا كان كذلك فهو مضمون على الغاصب لأنه حال بينه وبينه.
فأما زيادة القيمة لارتفاع السوق فغير مضمونة مع الرد لأن الأصل براءة الذمة وشغلها يفتقر إلى دليل، فإن لم يرد حتى هلكت العين لزمه ضمان قيمتها بأكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف لأنه إذا أدى ذلك برئت ذمته بيقين وليس كذلك إذا لم يؤده.
وإذا صبغ الغاصب الثوب بصبغ يملكه فزادت لذلك قيمته كان شريكا فيه بمقدار الزيادة فيه، وله قلع الصبغ لأنه عين ماله بشرط أن يضمن ما ينقص الثوب من قيمة لأن ذلك يحصل بجنايته.
ولو ضرب النقرة دراهم والتراب لبنا ونسج الغزل ثوبا وطحن الحنطة وخبز الدقيق فزادت القيمة بذلك لم يكن له شئ لأن هذه آثار أفعال وليست بأعيان أموال، ولا يدخل المغصوب بشئ من هذه الأفعال في مل الغاصب، ولا يجبر صاحبه على أخذ قيمته لأن الأصل ثبوت ملك المغصوب منه ولا دليل على زواله بعد التغيير، ويحتج على المخالف بقوله ع: على اليد ما قبضت حتى تؤدي، وقوله: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
ومن غصب زيتا فخلطه بأجود منه فالغاصب بالخيار بين أن يعطيه من ذلك ويلزم المغصوب منه قبوله لأنه تطوع له بخير من زيته وبين أن يعطيه مثله من غيره لأنه صار بالخلط كالمستهلك، ولو خلطه باردا منه لزمه أن يعطي من غير ذلك مثل الزيت الذي غصبه ولا يجوز أن يعطيه منه بقيمة زيته الذي غصبه لأن ذلك ربا، وإن خلطه بمثله فالمغصوب منه شريكه فيه يملك مطالبته بقسمته.
ومن غصب حبا فزرعه أو بيضة فأحضنها فالزرع والفرخ لصاحبهما دون الغاصب لأنا قد بينا أن المغصوب لا يدخل في ملك الغاصب بتغييره وإذا كان باقيا على ملك صاحبه فما تولد منه ينبغي أن يكون له دون الغاصب، ومن أصحابنا من اختار القول