غنية النزوع فصل في الشفعة:
الشفعة في الشرع عبارة عن استحقاق الشريك المخصوص على المشتري تسليم المبيع بمثل ما بذل فيه أو قيمته، وهي مأخوذة من الزيادة لأن سهم الشريك يزيد بما ينضم إليه فكأنه كان وترا فصار شفعا.
ويحتاج فيها إلى العلم بأمرين: شروط استحقاقها، وما يتعلق بها من الأحكام.
وشروط استحقاقها ستة: وهي أن يتقدم عقد بيع ينتقل معه الملك إلى المشتري، وأن يكون الشفيع شريكا بالاختلاط في المبيع أو في حقه من شربه أو طريقة، وأن يكون واحدا وأن يكون مسلما إن كان المشتري كذلك، وأن لا يسقط حق المطالبة، ولا يعجز عن الثمن.
اشترطنا تقدم عقد البيع لأن الشفعة لا تستحق قبله بلا خلاف ولا تستحق بما ليس ببيع من هبة أو صدقة أو مهر زوجة أو مصالحة أو ما أشبه ذلك بدليل إجماع الطائفة، ولأن إثبات الشفعة في المهر وفي المصالحة وفي الهبة على بعض الوجوه يفتقر إلى دليل شرعي وليس في الشرع ما يدل عليه، واعتبرنا أن ينتقل الملك معه إلى المشتري تحرزا من البيع الذي فيه الخيار للبائع أو له وللمشتري معا فإن الشفعة لا تستحق هاهنا لأن الملك لم يزل عن البائع، فأما ما لا خيار فيه أو فيه الخيار للمشتري وحده ففيه الشفعة لأن الملك قد زال به عنه.
واشترطنا أن يكون شريكا للبائع تحرزا من القول باستحقاقها بالجواز فإنها لا تستحق بذلك عندنا بدليل الاجماع المشار إليه، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله:
الشفعة فيما لا يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، ولا يعارض ذلك ما رووه من قوله ع