الحر مقدر وهو ما بين قيمته صحيحا ومعيبا، وما عدا الرقيق من بني آدم من سائر الحيوانات المملوكات ما عدا بني آدم المملوكين إذا جنى عليه جان فليس لصاحبه إلا أرش الجناية.
وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر وتحريره في مسائل خلافه في الجزء الثاني في كتاب الغصب في المسألة التاسعة فإنه رجع عما قاله في المسألة الرابعة، ورجوعه هو الصحيح الذي تقتضيه الأدلة على ما قاله رحمه الله، فإنه قال في المسألة التاسعة: والذي تقتضيه أخبارنا ومذهبنا أنه إذا جنى على عبد جناية تحيط بقيمة العبد كان بالخيار بين أن يسلمه ويأخذ قيمته وبين أن يمسكه ولا شئ له، وما عدا ذلك فله الأرش أما مقدرا أو حكومة على ما مضى القول فيه، وما عدا المملوك من الأملاك إذا جنى عليه فليس لصاحبه إلا أرش الجناية. ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم وقد ذكرناها في الكتاب المقدم ذكره، هذا آخر كلام شيخنا في المسألة.
ثم قال في مسائل خلافه مسألة: إذا قلع عين دابة كان عليه نصف قيمتها وفي العينين جميع القيمة، وكذلك كل ما في البدن منه اثنان ففي الاثنين جميع القيمة وفي الواحد نصفها. وقال أبو حنيفة: في العين الواحدة ربع القيمة وفي العينين نصف القيمة وكذلك في كل ما ينتفع بظهره ولحمه. وقال الشافعي ومالك: عليه الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم. وروي عن عمر أنه قضى في عين الدابة بربع قيمتها. ورووا ذلك عن علي ع وهذا يدل على بطلان قول من يدعي الأرش، فأما قولنا فدليله إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط، هذا آخر كلامه رحمه الله.
قال محمد بن إدريس: ما ذكره رحمه الله من قوله: كل ما في البدن منه اثنان ففي الاثنين جميع القيمة وفي الواحد نصفها، إنما ورد في الرقيق المماليك من بني آدم فحسب دون البهائم، والصحيح ما ذكره في المسألة التاسعة وهو الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا لأن القياس عندنا باطل فمن حمل البهائم على بني آدم المملوكين كان قائسا.
وأيضا فقد قال رحمه الله في مسائل خلافه مسألة: إذا جنى على حمار القاضي كان مثل جنايته على حمار الشوكي سواء في أن الجناية إذا لم تسر إلى نفسه يلزم أرش العيب، وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وقال مالك: إن كان حمار القاضي فقطع ذنبه ففيه كمال قيمته.