فالذي عندي ويقوى في نفسي أن القول قول المالك مع يمينه، وعلى الغاصب البينة لأنه المدعي لرد الملك بعد إقراره بغصبه وكونه في يده حيا والمالك منكر للرد وجاحد له ومدعى عليه، فالقول قوله لأن الاجماع منعقد على أن على المدعي البينة وعلى الجاحد اليمين وهذا داخل تحت ذلك.
فإن أقام كل واحد منهما بينته سمعت بينة المدعي للموت لأن الرسول ع جعلها في جنبته ولا بينة تشهد بشئ ربما خفي على بينة الغاصب وهو الموت.
فهذا تحرير الفتيا في هذا السؤال، وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: فإن غصب عبدا ومات العبد فاختلفا فقال: رددته حيا ومات في يدك، وقال المالك: بل مات في يدك أيها الغاصب، وأقام كل واحد منهما البينة بما ادعاه عمل على ما نذكره في تقابل البينتين، فإن قلنا أن البينتين إذا تقابلتا سقطتا وعدنا إلى الأصل وهو بقاء العبد عنده حتى يعلم رده كان قويا، هذا آخر كلامه رحمه الله لم يذكر في المسألة غير ما ذكره وحكيناه عنه والذي قواه وقال: كان قويا، مذهب الشافعي في تقابل البينتين لا مذهب أصحابنا، وإنما مذهب أصحابنا بغير خلاف بينهم الرجوع إلى القرعة لأنه أمر مشكل، وهذا ليس من ذلك بقبيل ولا هو منه بسبيل ولا في هذا إشكال فيرجع فيه إلى القرعة.
بل مثاله: رجل غصب رجلا مالا فقال الغاصب: رددته، وقال المغصوب منه: ما رددته إلى، فكان القول قول المغصوب منه مع يمينه، فإن أقام كل واحد منهما بينة سمعت بينة الغاصب لأن لبينته مزية على بينة المغصوب منه لأنها تشهد بأمر قد يخفى على بينة المالك، وكذلك من كان له على رجل دين فقال له: قبضته وخرجت إليك منه، وأنكر من له الدين ذلك فالقول قوله مع يمينه، فإن أقام كل واحد منهما بينة كانت المسموعة بينة القاضي لأنها تشهد بشئ قد يخفى على بينة من له الدين، ولا يقول أحد من العلماء أن هاهنا تستعمل القرعة ولا تعاد إلى الأصل وتقابل البينتين وأنهما تسقطان، فهذا تحرير هذه الفتيا والله الموفق للصواب.
ومرضي الجواب الذي تقتضيه أخبارنا وأصول مذهبنا أنه إذا جنى على عبد جناية تحيط بقيمة العبد كان بالخيار بين أن يسلمه إلى الجاني ويأخذ قيمته وبين أن يمسكه ولا شئ له، وما عدا ذلك فله الأرش إما مقدرا إن كان له في الحر مقدر أو حكومة إن لم يكن له في