بابا على مال فسرق أو أزال قيدا عن عبد عاقل فأبق، لأن التلف بالمباشرة لا بالسبب وكذا لو دل السراق، ولو أزال وكاء الظرف فسال ما فيه ضمن إذا لم يكن يحبسه إلا الوكاء، وكذا لو سأل منه ما ألان الأرض تحته فاندفع ما فيه ضمن لأن فعله سبب مستقل بالإتلاف، أما لو فتح رأس الظرف فقبلته الريح أو ذاب بالشمس ففي الضمان تردد، ولعل الأشبه أنه لا يضمن لأن الريح والشمس كالمباشر فيبطل حكم السبب.
ومن الأسباب: القبض بالعقد الفاسد والقبض بالسوم فإن القابض يضمن، وكذا استيفاء المنفعة بالإجارة الفاسدة سبب لضمان أجرة المثل.
النظر الثاني: في الحكم:
يجب رد المغصوب ما دام باقيا ولو تعسر كالخشبة تستدخل في البناء أو اللوح في السفينة ولا يلزم المالك أخذ القيمة، وكذا لو مزجه مزجا يشق تميزه كمزج الحنطة بالشعير أو الدخن بالذرة كلف تميزه وإعادته، ولو خاط ثوبه بخيوط مغصوبة، فإن أمكن نزعها ألزم ذلك وضمن ما يحدث من نقص، ولو خشي تلفها بانتزاعها لضعفها ضمن القيمة، وكذا لو خاط بها جرح حيوان له حرمة لم ينتزع إلا مع الأمن عليه تلفا وشينا وضمنها، ولو حدث في المغصوب عيب مثل تسويس التمر أو تخريق الثوب رده مع الأرش:
ولو كان الغيب غير مستقر كعفن الحنطة قال الشيخ: يضمن قيمة المغصوب، ولو قيل: برد العين مع أرش العيب الحاصل ثم كلما ازداد عيبها دفع أرش الزيادة، كان حسنا، ولو كان بحاله رده ولا يضمن تفاوت القيمة السوقية. فإن تلف المغصوب ضمنه الغاصب بمثله إن كان مثليا وهو ما يتساوى قيمة أجزائه، فإن تعذر المثل ضمن قيمته يوم الإقباض لا يوم الإعواز، ولو أعوز فحكم الحاكم بالقيمة فزادت أو نقصت لم يلزم ما حكم به الحاكم وحكم بالقيمة وقت تسليمها لأن الثابت في الذمة ليس إلا المثل، وإن لم يكن مثليا ضمن قيمته يوم غصبه وهو اختيار الأكثر، وقال في المبسوط والخلاف: يضمن أعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف، وهو حسن، ولا عبرة بزيادة القيمة ولا بنقصانها بعد ذلك على تردد.