فهو المرسل له، وهكذا النار إذا طرحها في زرعه أو حطبه وهو يعلم أن زرعه أو حطبه متصل بزرع غيره وحطب غيره، وأن النار تأتي على ملكه وتتصل بملك غيره فعليه الضمان لأنها سراية حصلت بفعله.
فإن ادعى دارا في يد رجل فاعترف له بدار مبهمة ثم مات المقر المعترف قيل للوارث:
بين، فإن لم يبين قيل للمدعي: بين أنت، فإن عين دارا وقال: هذه التي ادعيتها وقد أقر لي بها، قيل للوارث: ما تقول؟ فإن قال: صدق، تسلم الدار المدعي، وإن قال الوارث:
ليست هذه الدار له، فالقول قوله مع يمينه، فإذا حلف سقط تعيين المدعي وقيل للوارث:
نحبسك حتى تبين الدار التي أقر له أبوك بها وتحلف أو نجعلك ناكلا عن اليمين، ويعين المدعي الدار وترد اليمين عليه ويستحق ما حلف عليه وإلا أدى إلى إبطال حق الآدميين ووقوف الأحكام.
فإن غصب عبدا فرده وهو أعور واختلفا فقال سيده: عور عندك، وقال الغاصب: بل عندك، فالقول قول الغاصب لأنه غارم ومدعى عليه.
وقال بعض أصحابنا: فإن اختلفا في هذا والعبد قد مات ودفن فالقول قول السيد أنه ما كان أعور والفصل بينهما أنه إذا مات ودفن فالأصل السلامة حتى يعرف عيب وكان القول قول السيد، وليس كذلك إذا كان حيا لأن العور موجود مشاهد فالظاهر أنه لم يزل حتى يعلم حدوثه عند الغاصب.
والذي يقوى عندي أن القول قول الغاصب لأنه غارم في المسألتين معا ومدعى عليه، والأصل براءة الذمة فمن شغلها بشئ أو علق عليها حكما يحتاج في إثباته إلى دليل، وهذا الذي ذكره بعض أصحابنا تخريج من تخريجات المخالفين مقاييسهم استحساناتهم والذي يقتضيه أصول مذهب أهل البيت ع ما ذكرناه واخترناه فليلحظ بالعين الصحيحة.
فإن غصب عبدا ومات العبد واختلفا فقال الغاصب: رددته حيا ومات في يديك أيها المالك، وقال المالك: بل مات في يديك أيها الغاصب من قبل أن ترده إلى وما رددته إلى إلا ميتا، وقال الغاصب: رددته حيا.