إذا ادعى في يد رجل دارا وقال: غصبتها مني، فأنكر فأقام المدعي شاهدين نظرت، فإن شهد أحدهما أنه غصبها يوم الخميس وشهد الآخر أنه غصبها يوم الجمعة لم تكمل الشهادة لأنها شهادة لغصبين، لأن غصبه يوم الخميس غير غصبه يوم الجمعة، وهكذا لو شهد أحدهما أنه غصبها وشهد الآخر على إقراره بغصبها لأن الغصب غير الإقرار، فإن شهد أحدهما على إقراره بذلك يوم الخميس وشهد الآخر على إقراره به يوم الجمعة كانت الشهادة صحيحة لأن المقر به واحد لكن وقع الإقرار به في وقتين.
إذا غصب أمة فباعها فأحبلها المشتري فإن السيد يرجع على المشتري، وهل يرجع المشتري على البائع أم لا؟ نظرت، فكل ما دخل على أنه له بعوض وهو قيمة الرقبة يرجع به على البائع، وكل ما دخل على أنه له بغير عوض فإن لم يحصل له في مقابلته نفع وهو قيمة الولد رجع به على البائع قولا واحدا، وإن حصل له في مقابلته نفع - وهو مهر المثل في مقابلة الاستمتاع - فلا يرجع به على البائع، وإن رجع على البائع فكلما لو رجع به على المشتري رجع المشتري على البائع فالبائع لا يرجع به عليه، وكلما لو رجع به على المشتري لم يرجع به على البائع فإذا رجع به على البائع رجع البائع به على المشتري.
إذا أرسل في ملكه ماء فسأل إلى ملك غيره فأفسده عليه أو أجج في ملكه نارا فتعدت إلى ملك غيره فأحرقته فالماء والنار سواء ينظر فيه، فإن أرسل الماء في ملكه بقدر حاجته فسأل إلى ملك غيره نظرت فإن كان غير مفرط مثل إن ثقب الفأر أو غيره أو كان هناك ثقب لم يعلم به فلا ضمان عليه لأنها سراية عن فعل مباح فذهب هدرا، وهكذا النار إذا أججها في ملكه فحملها الريح إلى ملك غيره فأتلفته فلا ضمان عليه لأنها سراية عن مباح.
وأما إن أرسل الماء إلى ملكه وفرط في حفاظه بأن توانى وهو يعلم أنه يطفح إلى ملك غيره فأتلفه كان عليه الضمان لأنها سراية عن فعل محظور، وهكذا إن أجج نارا عظيمة في زرعه أو حطبه على سطحه وهو يعلم أنه في العادة يصل إلى ملك غيره كان عليه الضمان.
فأما إن أرسل الماء في ملكه بقدر حاجته إليه وهو يعلم أن الماء ينزل إلى ملك غيره وأن للماء طريقا إليه فعليه الضمان، لأنه إذا علم أنه يجري إلى ملك غيره وأنه لا حاجز يحجزه عنه