في الحرمة النفسية. ويؤيد هذا أن مقدمة الحرام ما لم توجب سلب الاختيار عن المكلف كالأفعال التوليدية لا وجه لحرمتها، ويمكن الفرق بين إتيان المقدمة بقصد التوصل إلى الحرام والآتيان لا بهذا القصد ولا فائدة في هذا البحث، لأن الانفكاك يقرب أن يكون من المحالات عادتا ففي صحيحة داود بن زربي قال: " أخبرني مولى لعلي ابن الحسين عليهما السلام قال كنت بالكوفة فقدم أبو عبد الله عليه السلام الحيرة فأتيته فقلت له: جعلت فداك لو كلمت داود بن علي أو بعض هؤلاء فأدخل في بعض هذه الولايات، فقال: ما كنت لأفعل، فانصرفت إلى منزلي فتفكرت ما أحسبه أنه منعني إلا مخافة أن أظلم أو أجور، والله لآتينه ولأعطينه الطلاق والعتاق والأيمان المغلظة أن لا أجورن على أحد ولا أظلمن ولا عدلن قال: فأتيته فقلت: جعلت فداك إني فكرت في إبائك علي وظننت أنك إنما منعتني مخافة أن أظلم أو أجور، وإن كل امرأة لي طالق، وكل مملوك لي حر، علي وعلي إن ظلمت أحدا أو جرت على أحد، بل إن لم أعدل، قال: فكيف قلت: فأعدت عليه الأيمان فرفع رأسه إلى السماء وقال: تناول السماء أيسر عليك من ذلك " (1) بناء على أن المشار إليه هو العدل وترك الظلم، ويحتمل أن يكون هو الترخص في الدخول ويبعد الاحتمال الثاني ما ورد من التجويز لتفريج كربة مؤمن أو فك أسره أو قضاء دينه، ثم إنه يسوغ الولاية المذكورة أمران أحدهما القيام بمصالح العباد بلا خلاف ظاهرا، واستدل بالاجماع والسنة الصحيحة و قوله تعالى حكاية، عن يوسف على نبينا وآله وعليه السلام " اجعلني على خزائن الأرض " واستدل أيضا بأن الولاية إن كانت محرمة لذاتها كان ارتكابها لأجل المصالح ورفع المفاسد التي هي أهم من مفسدة انسلاك الشخص في أعوان الظلمة بحسب الظاهر، وإن كانت لاستلزامها الظلم على الغير المفروض عدم تحققه ويدل عليه النبوي الذي رواه الصدوق في حديث المناهي قال: " من تولى عرافة قوم أتى به يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه فإن قام فيهم بأمر الله تعالى أطلقه الله وإن كان ظالما يهوي به في نار جهنم وبئس
(٥٩)