الله فمن اضطر إليه " ثم إنه كما يباح بالاكراه نفس الولاية المحرمة إن قلنا بالحرمة النفسية لها كذلك يباح ما يترتب عليها من الأعمال المحرمة فإن كان ما يترتب عليها الاضرار بالغير، وربما كان أعظم وأشد من الضرر المتوجه إلى المكره في صورة عدم قبول الولاية وفعل ما يترتب على ولايته فهل يباح ذلك الاضرار ولو كان أعظم وأشد أم لا؟ وجهان من الاطلاق أدلة الاكراه وأن الضرورات تبيح المحذورات ومن أن المستفاد من أدلة الاكراه تشريعه لدفع الضرر فلا يجوز دفع الضرر بالاضرار بالغير فضلا أن يكون أعظم، وبعبارة أخرى حديث رفع الاكراه ورفع الاضطرار مسوق للامتنان على نوع الأمة ولا حسن في الامتنان على بعضهم بترخيصه في الاضرار بالبعض الآخر، قد يقوي الأول تمسكا بعموم نفي الاكراه لجميع المحرمات حتى الاضرار بالغير ما لم يبلغ الدم وعموم نفي الحرج فإن إلزام الغير تحمل الضرر وترك ما أكره عليه حرج، وقوله عليهم السلام " إنما جعلت التقية لتحقن به الدماء فإذا بلغ الدم فلا تقية " حيث إنه دل على أن حد التقية بلوغ الدم فتشرع لما عداه.
وأما ما ذكر من استفادة كون نفي الاكراه لدفع الضرر فهو مسلم بمعنى دفع توجه الضرر وحدوث مقتضيه لا بمعنى دفع الضرر المتوجه بعد حصول المقتضي، و يمكن أن يقال: لا نسلم حكومة دليل نفي الضرر ودليل نفي الحرج على أدلة جميع المحرمات وأدلة الواجبات، ألا ترى أنه لو أكره على فعل الزناء بالمحارم أو بامرأة ذات زوج بحيث لو لم يفعل المكره - بالفتح - توجه إليه ضرر مالي أو أكره على إعطاء شئ من ماله بلا عوض إذا أراد الحج هل يلتزم بجواز الفعل في الصورة الأولى والترك في الصورة الثانية ويلتزم بسقوط الحج عن غالب الناس في هذه الأعصار والظاهر أنه من باب المزاحمة ولذا لا يجوز أن يجعل نفسه في معرض الاكراه كأن يمشي إلى محل يكره في ذلك المحل على شرب الخمر مثلا وثانيا إذا بنينا على أن نفي الضرر ونفي الحرج من باب الامتنان على الأمة واعترف بأن الامتنان على نوع الأمة ولا امتنان بالنسبة إلى النوع برفع الضرر عن بعض بالاضرار بالبعض الآخر كيف يؤخذ بالعموم