أما الأولى فلا إشكال فيها في جواز الأخذ وحلية التصرف للأخبار منه قوله عليه السلام على المحكي: " كل شئ هولك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه " (1) و منها مصححة أبي المغرا " أمر بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال: نعم، وقلت أحج بها؟ قال: وحج بها " (2) ومنها رواية محمد بن مسلم وزرارة، عن أبي جعفر عليه السلام " جوائز لسلطان ليس بها بأس " (3) إلى غيره من الأخبار.
وأما الثانية فإن كانت الشبهة غير محصورة فحكمها كالصورة الأولى وكذا إذا كانت محصورة وكان بعض أطراف الشبهة خارجا عن محل الابتلاء ووجهه شمول الأخبار المذكورة وعدم منجزية العلم الاجمالي. أما مع عدم الحصر وإن كانت الأطراف محل الابتلاء وعدم الاضطرار بارتكاب بعض الأطراف فلا نرى وجها لعدم التنجيز إلا موهونية الاحتمال وهذا الوجه يلزم منه عدم لزوم الاحتياط مع الحصر وكون الأطراف محل الابتلاء كما لو وقع قطرة من الدم في أحد الإنائين واحتمال وقوعه في أحدهما المعين موهون جدا ولا يلتزم بجواز الارتكاب إلا من يعامل مع الاطمينان معاملة القطع و الظاهر أن نظر المجمعين ليس إلا من هذه الجهة، وكذلك ما ورد من الخبر المجوز للارتكاب. وأما صورة خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء فلا وجه لجواز الارتكاب فيها إلا ما يقال من استهجان الخطاب وفيه إشكال من جهة أنه يلزم منه عدم توجه التكليف الفعلي بالنسبة إلى من كان منصرفا عن فعل المحرم كانصراف نوع الناس عن أكل الخبائث أو شربها، وانصراف كثير من الناس عن الفحشاء والمنكر والحاصل أنه إن بنينا على شمول أخبار الحلية لأطراف العلم الاجمالي ما لم يوجب المخالفة القطعية فلا فرق بين كون الأطراف خارجة عن محل الابتلاء وبين كونها داخلة وإن بنينا على عدم الشمول لا فرق أيضا والتفصيل مشكل، وعمدة ما يكون وجها للزوم الاحتياط