العهد حيث إن الالتزام بترك المباح محرم له لا محالة فيعمه تلك الأدلة مع أن جميع الالتزامات الصحيحة إما التزام بفعل مباح أو مندوب أو ترك مباح أو مكروه فكيف التوفيق، ويمكن استفادة ما يذب به عن الاشكال بما ورد في بعض الأخبار من بطلان الحلف على ترك شرب العصير المباح دائما معلا بأنه " ليس لك أن تحرم ما أحل الله " فيمكن التفرقة بين الالتزام بترك مصداق منه أو تركه مطلقا في برهة من الزمان فهذا لا بأس به لعدم مخالفته للكتاب لا من حيث الالتزام ولا من حيث الملتزم به وبين الالتزام بترك نوع مباح دائما كالحلف على ترك شرب العصير دائما فيكون التزامه محرما لما أحله الله.
ويمكن أن يقال: أما الحقوق فتشخيصها في غاية الاشكال من جهة صعوبة التمييز بين الحق والحكم، ثم بعد إحراز الحق ليس كل حق يثبت بالاسقاط فالموقوف عليه له حق بالنسبة إلى العين الموقوفة فإذا أسقط حقه فهل يمكن القول بسقوطه بحيث لو رجع إلي حقه لم يكن له، على أن ما ذكر بالنسبة إلى الحقوق على فرض تماميته يفيد في ما لو كان الشرط راجعا إلى إسقاط الحق أو إعطائه الرجع إلى من له الحق، وأما لو أريد إثبات حق للغير بالشرط فلا يفيد، وأما ما كان من قبيل التكاليف فما ذكر في المباحات من أن الالتزام بتركها أو فعلها ليس مخالفا للمشروع فمع إطلاق دليل الإباحة وشموله للطوارئ والعوارض كيف يقال بعدم المخالفة فيها خصوصا لو أحرز كون الموضوع علة للحكم، وما ذكر من التفرقة في ترك المباح بين الصورتين مشكل من جهة أنه يصدق في كلتيهما تحريم الحلال مع إطلاق الدليل ومع عدم الاطلاق لا مانع من كلتيهما، ثم إنه مع الشك في كون الشرط مخالفا لا بد من تأسيس أصل يعول عليه فقد يقال الأصل عدم المخالفة والمراد من هذا الأصل الاستصحاب واستشكل بأن المخالفة ليست مسبوقة بالعدم مع فرض وجود موضوعه إذ الشرط إما وجد مخلفا أو غير مخالف فلا محالة يكون استصحاب عدم المخالفة بلحاظ العدم السابق على وجود موضوعها من حيث كونها بنفسها من الحوادث المسبوقة بالعدم الأزلي، وبهذا اللحاظ لم يؤخذ موضوعا فالعدم النعتي لا سابقة له والمحمولي النفسي إن كان مسبوقا