الظفر بهما لا يعدان مالا، بل ولا ملكا، نعم بعد الظفر بهما مع سبق المالية والملكية يعود الملكية والمالية من باب إعادة المعدوم بنظر العرف والشاهد على ما ذكر من احتفاظ المالية والملكية الاكتفاء بقدرة المشتري على التسلم وإن لم يقدر البايع على التسليم وعلى ما ذكر لا بد من الدليل على المنع وعدم الصحة لا التمسك بما ذكر من انتفاع المالية بل في باب الرهن أيضا لولا الدليل على المنع لأمكن تصحيح البيع غاية الأمر صيرورة المشتري بمنزلة الراهن تعلق بماله حق الرهانة وتكون منافع العين المرهونة له فاستدل للاشتراط بالنبوي المشهور " نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع الغرر " ولا يضر إرساله بعد أخذ الأصحاب به، وأما من حيث الدلالة فلا بد من ملاحظة كلمات أهل اللغة في تفسير الغرر فبعضهم جعله من الغرة بمعنى الغفلة وبعضهم من التغرير بمعنى الخدعة والاغفال وبعضهم فسره بمعنى الخطر ولا يخفى أنه إن كان المراد منه الغفلة أو الخدعة فلا مجال للاستدلال به لأنه مع التفات المشتري لا غفلة ولا خدعة ولا إغفال، نعم لو كان بمعنى الخطر لأمكن الاستدلال به، ويمكن منع الخطر أيضا فإنه لو اشترى البعد الآبق بثمن بخس برجاء الاستيلاء عليه لا يعد عند العقلاء اشتراؤه خطريا إلا أن يتمسك بفهم الأصحاب والظاهر أنه بعد الفراغ من هذه الجهة لا مجال للخدشة في دلالة النهي على الفساد باحتمال أن يكون حفظا للنظام وسياسة للعباد بل النهي فيه ظاهر في الإرشاد إلى الفساد كالنهي في قوله عليه الصلاة والسلام على المحكي " لا تبع ما ليس عندك " (1) وقد يستدل بهذا الخبر المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله بناء على أن كونه عنده لا يراد به الحضور لجواز بيع الغائب والسلف فهي كناية لا عن مجرد الملك لأن المناسب حينئذ لفظه اللام ولا عن مجرد السلطنة عليه والقدرة على تسليمه لمنافاته لتمسك العقلاء على عدم جواز بيع العين الشخصية المملوكة للغير ثم شراؤها من مالكها فإن السلطنة حاصلة مع أنه مورد الرواية فتعين أن يكون كناية عن السلطنة التامة الفعلية التي تتوقف على الملك مع كونه تحت اليد وعلى هذا فلا مجال للايراد بأن المراد به الإشارة إلى ما هو المتعارف في تلك الأزمنة من بيع الشئ الغير المملوك،
(١٢٩)