وحاربوا الله ورسوله. فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم، فأخذوا: فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وألقاهم في الشمس حتى ماتوا ".
والدليل على أن هذا المرض كان الاستسقاء، ما رواه مسلم في صحيحه - في هذا الحديث - أنهم قالوا: " إنا اجتوينا المدينة، فعظمت بطوننا، وارتهشت أعضاؤنا " وذكر تمام الحديث (1).
والجوى: داء من أدواء الجوف. والاستسقاء: مرض مادي، سببه: مادة غريبة باردة، تتخلل الأعضاء، فتربو لها: إما الأعضاء الظاهرة كلها، وإما المواضع الخالية من النواحي التي فيها تدبير الغذاء والاخلاط. وأقسامه ثلاثة: لحمي وهو أصعبها، وزقي، وطبلي.
ولما كانت الأدوية المحتاج إليها في علاجه، هي الأدوية الجالبة التي فيها إطلاق معتدل، وإدرار بحسب الحاجة - وهذه الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها -: أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بشربها. فإن في لبن اللقاح جلاء وتليينا، وإدرارا وتلطيفا وتفتيحا للسدد، إذا كان أكثر رعيها الشيح والقيصوم والبابونج والأقحوان والإذخر، وغير ذلك: من الأدوية النافعة للاستسقاء.
وهذا المرض لا يكون إلا مع آفة في الكبد خاصة (2)، أو مع مشاركة. وأكثرها عن السدد فيها. ولبن اللقاح العربية نافع من السدد، لما فيه: من التفتيح والمنافع المذكورة.
قال الرازي: " لبن اللقاح يشفى أوجاع الكبد، وفساد المزاج ". وقال الإسرائيلي: " لبن اللقاح: أرق الألبان، وأكثرها مائية وحدة، وأقلها غذاء. فلذلك صار أقواها على تلطيف الفضول، وإطلاق البطن، وتفتيح السدد. ويدل على ذلك ملوحته اليسيرة التي فيه لافراط حرارة حيوانية بالطبع. ولذلك صار أخص الألبان بتطرية الكبد، وتفتيح سددها، وتحليل صلابة الطعام (3): إذا كان حديثا، والنفع من الاستسقاء خاصة: إذا استعمل لحرارته التي