إليه، والتوكل عليه. فإن من أسند ظهره إلى ركن وثيق: لم يخف السقوط.
ولما كان للقلب قونان؟: قوة الطلب وهى الرغبة، وقوة الهرب وهى الرهبة، وكان العبد طالبا لمصالحه، هاربا من مضاره -: جمع الامرين في هذا التفويض والتوجه، فقال:
" رغبة ورهبة إليك ".
ثم أثنى على ربه: بأنه لا ملجأ للعبد سواه، ولا منجاله منه غيره، فهو الذي يلجأ إليه العبد: لينجيه من نفسه. كما في الحديث الآخر: " أعوذ برضاك من سخطك، وبعوفك من عقوبتك، وأعوذ بك منك ". فهو سبحانه الذي يعيذ عبده، وينجيه من بأسه الذي بمشيئته وقدرته، فمنه البلاء ومنه الإعانة، ومنه ما يطلب النجاة منه، وإليه الالتجاء في النجاة. فهو الذي يلجأ إليه في أن ينجى مما منه، ويستعاذ به مما منه. فهو رب كل شئ، ولا يكون شئ إلا بمشيئته. (وإن يمسسك الله بضر: فلا كاشف له إلا هو)، (قل:
من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا، أو أراد بكم رحمة).
ثم ختم الدعاء بالاقرار بالايمان بكتابه ورسوله، الذي هو ملاك النجاة والفوز في الدنيا والآخرة. فهذا هديه في نومه:
لو لم يقل: إني رسول، لكا * ن (؟) شاهد - في هديه - ينطق (فصل) وأما هديه في يقظته: فكان يستيقظ إذا صاح الصارخ - وهو الديك - فيحمد الله تعالى ويكبره، ويهلله ويدعوه، ثم يستاك، ثم يقوم إلى وضوئه، ثم يقف للصلاة بين يدي ربه: مناجيا له بكلامه، مثنيا عليه، راجيا له، راغبا راهبا. فأي حفظ لصحة القلب والبدن والروح والقوى، ولنعيم الدنيا والآخرة - فوق هذا؟!.
(فصل) وأما تدبير الحركة والسكون - وهو الرياضة - فنذكر منها فصلا يعلم منه مطابقة هديه في ذلك، لأكمل أنواعه وأحمدها وأصوبها. فنقول:
من المعلوم افتقار البدن - في بقائه - إلى الغذاء والشراب. ولا يصير الغذاء بجملته جزءا من البدن، بل لا بد أن يبقى منه عند كل هضم بقية ما: إذا كثرت على ممر الزمان اجتمع منها شئ له كمية وكيفية، فيضر بكميته: بأن يسد ويثقل البدن، ويوجب أمراض