ونحن نذكر الأنواع الثلاثة من هديه صلى الله عليه وسلم، فنبدأ بذكر الأدوية الطبيعية التي وصفها واستعملها، ثم نذكر الأدوية الإلهية، ثم المركبة.
وهذا إنما يشير إليه إشارة: فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما بعث: هاديا، وداعيا إلى الله وإلى جنته، ومعرفا بالله، ومبينا للأمة مواقع رضاه وآمرا لهم بها، ومواقع سخطه وناهيا لهم عنها، ومخبرهم أخبار الأنبياء والرسل وأحوالهم مع أممهم، وأخبار تخليق العالم، وأمر المبدأ والمعاد، وكيفية شقاوة النفوس وسعادتها، وأسباب ذلك.
وأما طب الأبدان، فجاء من تكميل شريعته، ومقصودا لغيره: بحيث إنما يستعمل عند الحاجة إليه. فإذا قدر الاستغناء عنه: كان صرف الهمم والقوى إلى علاج القلوب والأرواح، وحفظ صحتها، ودفع أسقامها، وحميتها مما يفسدها - هو المقصود بالقصد الأول.
وإصلاح البدن بدون إصلاح القلب لا ينفع، وفساد البدن مع إصلاح القلب مضرته يسيرة جدا، وهى مضرة زائلة تعقبها المنفعة الدائمة التامة. وبالله التوفيق.
ذكر القسم الأول وهو العلاج بالأدوية الطبيعية فصل في هديه في علاج الحمى ثبت في الصحيحين، عن نافع عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما الحمى أو شدة الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء " (1).
وقد أشكل هذا الحديث على كثير من جهلة الأطباء، ورآه منافيا لدواء الحمى وعلاجها.
ونحن نبين - بحول الله وقوته - وجهه وفقهه، فنقول: