يعصب العينين، ويقمط البطن، ويغسل الوجه بماء بارد عند الفراغ، وأن يشرب عقبه شراب التفاح مع يسير من مصطكي. وماء الورد ينفعه نفعا بينا. والقئ يستفرغ من أعلى المعدة، ويجذب من أسفل. والاسهال بالعكس. قال أبقراط: " وينبغي أن يكون الاستفراغ في الصيف من فوق، أكثر من الاستفراغ بالدواء، وفى الشتاء من أسفل ".
فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الارشاد إلى معالجة أحذق الطبيبين (1) ذكر مالك في موطئه - عن زيد بن أسلم -: " أن رجلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم جرح، فاحتقن الدم. وأن الرجل دعا رجلين من بنى أنمار، فنظرا إليه. فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لهما: أيكما أطب؟ فقالا: أوفى الطب خير يا رسول الله؟! فقال:
أنزل (2) الدواء الذي أنزل الداء ".
ففي هذا الحديث: أنه ينبغي الاستعانة، في كل علم وصناعته، بأحذق من فيها فالأحذق، فإنه إلى الإصابة أقرب. وهكذا: يجب على المستفتى أن يستعين على ما نزل به، بالأعلم فالأعلم. لأنه أقرب إصابة ممن هو دونه. وكذلك: من خفيت عليه القبلة، فإنه يقلد أعلم من يجده. وعلى هذا فطر الله عباده. كما أن المسافر في البر والبحر: إنما سكون نفسه وطمأنينته إلى أحذق الدليلين وأخبرهما، وله يقصد، وعليه يعتمد. فقد اتفقت على هذا الشريعة والفطرة والعقل.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " أنزل الدواء الذي أنزل الداء "، قد جاء مثله عنه في أحاديث كثيرة. فمنها: ما رواه عمرو بن دينار عن هلال بن يساف، قال: " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، على مريض يعوده، فقال: أرسلوا إلى طبيب. فقال قاتل: وأنت تقول ذلك .