(فصل) وثبت في صحيح مسلم: " أنه صلى الله عليه وسلم كان ينتبذ له (1) أول الليل، ويشربه - إذا أصبح - يومه ذلك، والليلة التي تجئ، والغد والليلة الأخرى، والغد إلى العصر.
فإن بقى منه شئ: سقاه الخادم، أو أمر به فصب ".
وهذا النبيذ هو: ماء (2) يطرح فيه تمر يحليه، وهو يدخل في الغذاء والشراب، وله نفع عظيم: في زيادة القوة، وحفظ الصحة. ولم يكن يشربه بعد ثلاث: خوفا من تغيره إلى الاسكار.
فصل في تدبيره لأمر الملبس وكان من أتم الهدى، وأنفعه للبدن، وأخفه عليه، وأيسره لبسا وخلعا.
وكان أكثر لبسه (3) والازر. وهى أخف على البدن من غيرها. وكان يلبس القميص، بل كان أحب الثياب إليه.
وكان هديه في لبسه لما يلبسه، أنفع شئ للبدن. فإنه لم يكن يطيل أكمامه ويوسعها، بل كانت كم قميصه إلى الرسغ: لاتجاوز (4) اليد، فتشق على لابسها، وتمنعه خفة الحركة والبطش. ولا تقصر عن هذه، فتبرز للحر والبرد.
وكان ذيل قميصه وإزاره إلى أنصاف الساقين: لم يتجاوز الكعبين، فيؤذى الماشي ويؤوده، ويجعله كالمقيد. ولم يقصر عن عضلة ساقه، فتنكشف (5): فيتأذى بالحر والبرد.
ولم تكن عمامته بالكبيرة التي يؤذى الرأس حملها ويضعفه، ويجعله عرضة للضعف والآفات، كما يشاهد من حال أصحابها، ولا بالصغيرة التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد، بل وسطا بين ذلك. وكان يدخلها تحت حنكه. وفى ذلك فوائد عديدة: فإنها