الآفة التي تلحق الزرع والثمار، في فصل الشتاء وصدر فصل الربيع. فحصل الامن عليها:
عند طلوع الثريا في الوقت المذكور. ولذلك نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمرة وشرائها: قبل أن يبدو صلاحها.
والمقصود الكلام على هديه - صلى الله عليه وسلم - عند وقوع الطاعون.
(فصل) وقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - للأمة في نهيه عن الدخول إلى الأرض التي هو بها، ونهيه عن الخروج منها بعد وقوعه، كمال التحرز منه. فإن في الدخول في الأرض التي هو بها:
تعريضا (1) للبلاء، وموافاة له في محل سلطانه، وإعانة الانسان على نفسه. وهذا مخالف للشرع والعقل. بل تجنبه الدخول إلى أرضه: من باب الحمية التي أرشد الله سبحانه إليها، وهى: حمية عن الأمكنة والأهوية المؤذية.
وأما نهيه عن الخروج من بلده، ففيه معنيان:
(أحدهما): حمل النفوس على الثقة بالله، والتوكل عليه، والصبر على أقضيته والرضا بها.
(والثاني): ما قاله أئمة الطب: أنه يجب على كل محترز من الوباء، أن يخرج من (2) بدنه الرطوبات الفضلية، ويقلل الغذاء، ويميل إلى التدبير المجفف من كل وجه، إلا الرياضة والحمام: فإنهما يجب أن يحذرا. لان البدن لا يخلو غالبا من فضل ردئ كامن فيه، فتثيره (3) الرياضة والحمام، ويخلطانه بالكيموس الجيد. وذلك يجلب علة عظيمة. بل يجب عند وقوع الطاعون: السكون والدعة، وتسكين هيجان الاخلاط. ولا يمكن الخروج من أرض الوباء والسفر منها، إلا بحركة شديدة. وهى مضرة جدا.
هذا كلام أفضل الأطباء والمتأخرين. فظهر المعنى الطبي من الحديث النبوي، وما فيه:
من علاج القلب والبدن، وصلاحهما.
فإن قيل: ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تخرجوا فرارا منه "، ما يبطل أن يكون