ومن لم يميز بين هذا وهذا: فليبك على حياة قلبه: فإنه من الأموات، وعلى نوره: فإنه منغمس في بحار الظلمات.
(فصل) وأما طب الأبدان، فإنه نوعان: نوع قد فطر الله عليه الحيوان ناطقة وبهيمه، فهذا لا يحتاج فيه إلى معالجة طبيب: كطب الجوع والعطش والبرد والتعب، بأضدادها وما يزيلها.
والثاني ما يحتاج إلى فكر وتأمل: كدفع الأمراض المتشابهة الحادثة في المزاج، بحيث يخرج بها عن الاعتدال: إما إلى حرارة، أو برودة، أو يبوسة، أو رطوبة، أو ما يتركب من اثنين منها. وهى نوعان: إما مادية، وإما كيفية. أعنى: إما أن يكون بانصباب مادة، أو بحدوث كيفية. والفرق بينهما: أن أمراض الكيفية تكون بعد زوال المواد التي أوجبتها، فتزول موادها، ويبقى أثرها كيفية في المزاج. وأمراض المادة أسبابها معها تمدها. وإذا كان سبب المرض معه: فالنظر في السبب ينبغي أن يقع أولا، ثم في المرض ثانيا، ثم في الدواء ثالثا.
أو الأمراض الالية، وهى: التي تخرج العضو عن هيئته: إما في شكل، أو تجويف، أو مجرى، أو خشونة، أو ملامسة، أو عدد، أو عظم، أو وضع. فإن هذه الأعضاء إذا تألفت، وكان منها، البدن - سمى تألفها: اتصالا، والخروج عن الاعتدال فيه يسمى:
تفرق الاتصال.
أو الأمراض العامة: التي نعم المتشابهة والالية.
والأمراض المتشابهة هي: التي يخرج بها المزاج عن الاعتدال، وهذا الخروج يسمى مرضا: بعد أن يضر بالفعل إضرارا محسوسا. وهى على ثمانية أضرب: أربعة بسيطة، وأربعة مركبة. والبسيطة: البارد، والحار، والرطب، واليابس. والمركبة: الحار الرطب، والحار اليابس، والبارد الرطب، والبارد اليابس. وهى إما أن تكون بانصباب مادة، أو بغير انصباب مادة.
وإن لم يضر المرض بالفعل (1)، يسمى خروجا عن الاعتدال صحة.