من الاذكار والآيات والدعوات، التي تبطل فعلها وتأثيرها. وكلما كانت أقوى وأشد:
كانت أبلغ في النشرة. وذلك بمنزلة التقاء جيشين: مع كل واحد منهما عدته وسلاحه، فأيهما غلب الاخر: قهره وكان الحكم له. فالقلب إذا كان ممتلئا من الله، مغمورا بذكره - وله من التوجهات والدعوات، والاذكار والتعوذات، ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه -: كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له، ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه.
وعند السحرة: أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة، وا لنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات. ولهذا غالب ما يؤثر: في النساء والصبيان، والجهال وأهل البوادي، ومن ضعف حظه من الدين والتوكل والتوحيد، ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية، والدعوات والتعوذات النبوية. وبالجملة، فسلطان تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة، التي يكون ميلها إلى السفليات.
قالوا: والمسحور هو الذي يعين على نفسه، فإنا نجد قلبه متعلقا بشئ، كثير الالتفات إليه، فيتسلط على قلبه بما فيه: من الميل والالتفات. والأرواح الخبيثة إنما تتسلط على أرواح تلقاها مستعدة لتسلطها عليها، بميلها إلى ما يناسب تلك الأرواح الخبيثة، وبفراغها من القوة الإلهية، وعدم أخذها للعدة التي تجاربها بها، فتجدها فارغة لا عدة معها، وفيها ميل إلى ما يناسبها، فتتسلط عليها، ويتمكن تأثيرها فيها بالسحر وغيره. والله أعلم.
فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الاستفراغ بالقئ روى الترمذي في جامعه - عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ. فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت له ذلك. فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه ". (1) قال الترمذي: وهذا أصح شئ في الباب.
.