فأشكر، أحب إلي من أن أبتلى فأصبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ورسول الله يحب معك العافية ".
ويذكر عن ابن عباس: " أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما أسأل الله بعد الصلوات الخمس؟ فقال: سل الله العافية. فأعاد عليه، فقال له في الثالثة: سل الله العافية في الدنيا والآخرة ".
وإذا كان هذا شأن العافية والصحة: فنذكر من هديه صلى الله عليه وسلم، في مراعاة هذه الأمور، ما يتبين لمن نظر فيه أنه أكمل الهدى على الاطلاق: ينال به حفظ صحة البدن والقلب، وحياة الدنيا والآخرة. والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فصل فأما المطعم والمشرب، فلم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم، حبس النفس على نوع واحد من الأغذية، لا يتعداه إلى ما سواه. فإن ذلك يضر بالطبيعة جدا، وقد يتعذر عليها أحيانا:
فإن لم يتناول غيره ضعف أو هلك، وإن تناول غيره لم تقبله الطبيعة: فاستضر به. فقصرها على نوع واحد دائما - ولو أنه أفضل الأغذية - خطر (مضر) (1).
بل كان يأكل ما جرت عادة أهل بلده بأكله: من اللحم والفاكهة والخبز والتمر، وغيره مما ذكرناه في هديه في المأكول. فعليك بمراجعته ههنا.
وإذا كان في أحد الطعامين كيفية تحتاج إلى كسر وتعديل: كسرها وعدلها بضدها إن أمكن، كتعديله (2) حرارة الرطب بالبطيخ. وإن لم يجد ذلك: تناوله على حاجة وداعية من النفس من غير إسراف، فلا تتضرر به الطبيعة.
وكان إذا عافت نفسه الطعام: لم يأكله، ولم يحملها إياه على كره. وهذا أصل عظيم