وللتسمية في أول الطعام والشراب، وحمد الله في آخره - تأثير عجيب: في نفعه واستمرائه، ودفع مضرته. قال الإمام أحمد: " إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل: إذا ذكر اسم الله في أوله، وحمد الله في آخره، وكثرت عليه الأيدي، وكان من حل ".
(فصل) وقد روى مسلم في صحيحه - من حديث جابر بن عبد الله - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " غطوا الاناء، وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء: لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، وسقاء ليس عليه وكاء - إلا وقع فيه من ذلك الداء ".
وهذا مما لا تناله علوم الأطباء ومعارفهم. وقد عرفه من عرفه -: من عقلاء الناس. - بالتجربة. قال الليث بن سعد - أحد رواة الحديث -: " الأعاجم عندنا يتقون تلك الليلة في السنة، في كانون الأول منها ".
وصح عنه: أنه أمر بتخمير الاناء ولو أن يعرض عليه عودا. وفى عرض العود عليه - من الحكمة -: أنه لا ينسى تخميره، بل يعتاده حتى بالعود. وفيه: أنه ربما أراد الدبيب أن يسقط فيه، فيمر على العود، فيكون العود جسرا له يمنعه من السقوط فيه.
وصح عنه: أنه أمر عند إبكاء الاناء، بذكر اسم الله. فإن ذكر اسم الله - عند تخمير الاناء - يطرد عنه الشيطان، وإيكاؤه يطرد عنه الهوام. ولذلك أمر بذكر اسم الله في هذين الموضعين، لهذين المعنيين.
وروى البخاري في صحيحه - من حديث ابن عباس -: " أن رسول صلى الله عليه وسلم، نهى عن الشرب من في السقاء ".
وفى هذا آداب عديدة، (منها): أن تردد أنفاس الشارب فيه يكسبه زهومة ورائحة كريهة، يعاف لأجلها (ومنها): أنه ربما غلب الداخل إلى جوفه - من الماء - فتضرر (به) (1). (ومنها): أنه ربما كان فيه حيوان لا يشعر به، فيؤذيه. (ومنها): أن الماء