يخرج بها من الضرع، مع بول الفصيل وهو حار، كما يخرج من الحيوان. فإن ذلك مما يزيد في ملوحته، وتقطيعه الفضول، وإطلاقه البطن. فإن تعذر انحداره وإطلاقه البطن: وجب أن يطلق بدواء مسهل. قال صاحب القانون: " ولا يلتفت إلى ما يقال: من أن طبيعة اللبن مضادة لعلاج الاستسقاء. قال: واعلم أن لبن النوق دواء نافع، لما فيه: من الجلاء برفق، وما فيه: من خاصية. وإن هذا اللبن شديد المنفعة. فلو أن إنسانا أقام عليه بدل الماء والطعام:
شفى به. وقد جرب ذلك في قوم: دفعوا إلى بلاد العرب، فقادتهم الضرورة إلى ذلك، فعوفوا. وأنفع الأبوال: بول الجمل الاعرابى، وهو النجيب " انتهى.
وفى القصة دليل على التداوي والتطبب: وعلى طهارة بول مأكول اللحم: فإن التداوي بالمحرمات غير جائز (1)، ولم يؤمروا - مع قرب عهدهم بالاسلام - بغسل أفواههم، وما أصابته ثيابهم من أبوالها، للصلاة. وتأخير البيان لا يجوز عن وقت الحاجة. وعلى مقابلة الجاني بمثل ما فعل، فإن هؤلاء قتلوا الراعي، وسملوا عينيه. ثبت ذلك في صحيح مسلم. وعلى قتل الجماعة وأخذ أطرافهم بالواحد. وعلى أنه إذا اجتمع في حق الجاني حد وقصاص: استوفيا معا. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع أيديهم وأرجلهم: حدا لله على جرأتهم (2)، وقتلهم:
لقتلهم الراعي. وعلى أن المحارب: إذا أخذ المال وقتل، قطعت يده ورجله في مقام واحد، وقتل. وعلى أن الجنايات: إذا تعددت تغلظت عقوباتها، فإن هؤلاء: ارتدوا بعد إسلامهم، وقتلوا النفس، ومثلوا بالمقتول، وأخذوا المال، وجاهروا بالمحاربة. وعلى أن حكم ردة (3) المحاربين حكم مباشرهم، فإنه من المعلوم أن كل واحد منهم لم يباشر القتل بنفسه، ولا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. وعلى أن قتل الغيلة يوجب قتل القاتل حدا: فلا يسقطه العفو، ولا تعتبر فيه المكافأة. وهذا مذهب أهل المدينة، وأحد الوجهين في مذهب أحمد:
اختاره شيخنا (4)، وأفتى به.