بسهولة ولذة ونفع. ومنه: (فكلوه هنيئا مريئا) هنيئا في عاقبته، مريئا في مذاقه. وقيل:
معناه أنه أسرع انحدارا عن المرئ (1)، لسهولته وخفته عليه، بخلاف الكثير: فإنه لا يسهل على المرئ (1) انحداره.
ومن آفات الشرب نهلة واحدة: أنه يخاف منه الشرق، بأن ينسد مجرى الشراب - لكثرة الوارد عليه - فيغص به. فإذا تنفس رويدا ثم شرب (2): أمن من ذلك، ومن فوائده: أن الشارب إذا شرب أول مرة، تصاعد البخار الدخاني الحار - الذي كان على القلب والكبد - لورود الماء البارد عليه، فأخرجته الطبيعة عنها، فإذا شرب مرة واحدة: اتفق نزول الماء البارد وصعود البخار، فيتدافعان ويتعالجان. ومن ذلك يحدث الشرق والغصة، ولا يتهنأ (3) الشارب بالماء، ولا يمرئه، ولا يتم ريه.
وقد روى عبد الله بن المبارك، والبيهقي، وغيرهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم -: " إذا شرب أحدكم: فليمص الماء مصا، ولا يعب عبا، فإن (4) الكباد من العب ".
و (الكباد) - بضم الكاف وتخفيف الباء - هو: وجع الكبد. وقد علم بالتجربة:
أن ورود الماء جملة واحدة على الكبد يؤلمها، ويضعف حرارتها. وسبب ذلك: المضادة التي بين حرارتها، وبين ما ورد عليها: من كيفية المبرود وكميته. ولو ورد بالتدريج شيئا فشيئا: لم يضاد حرارتها، ولم يضعفها. وهذا مثاله: صب الماء البارد على القدر وهى تفور، لا يضرها صبه قليلا قليلا.
وقد روى الترمذي في جامعه - عنه صلى الله عليه وسلم -: " لا تشربوا نفسا واحدا: كشرب البعير، ولكن (5): اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا (6) أنتم فرغتم (7) ".