عالجناه بالتسخين، وذلك موجود في العسل. فإن كان يحتاج مع ذلك إلى استفراغ المادة الباردة، فالعسل أيضا يفعل في ذلك لما فيه: من الانضاج والتقطيع، والتلطيف، والجلاء، والتليين. فيحصل بذلك استفراغ تلك المادة: برفق، وأمن من نكاية المسهلات القوية.
وأما الكي: فلان كل واحد من الأمراض المادية، إما أن يكون حادا (1): فيكون سريع الافضاء (2) لاحد الطرفين، فلا يحتاج إليه فيه. وإما أن يكون مزمنا، وأفضل علاجه بعد الاستفراغ: الكي في الأعضاء التي يجوز فيها الكي. لأنه لا يكون مزمنا إلا عن مادة باردة غليظة: قد رسخت في العضو، وأفسدت مزاجه، وأحالت جميع ما يتصل إليه إلى مشابهة جوهرها، فيشتعل (3) في ذلك العضو. فيستخرج بالكي تلك المادة، من ذلك المكان الذي هي (4) فيه، بإفناء الجزء الناري الموجود: بالكي لتلك المادة.
فتعلمنا بهذا الحديث الشريف أخذ معالجة الأمراض المادية جميعها، كما استنبطنا معالجة الأمراض الساذجة من قوله صلى الله عليه وسلم: " إن شدة الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء ".
(فصل) وأما الحجامة، ففي سنن ابن ماجة - من حديث جبارة (5) بن المغلس، وهو ضعيف، عن كثير بن سليم - قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما مررت ليلة أسرى بي بملا، إلا قالوا: يا محمد، مر أمتك بالحجامة " (6).
وروى الترمذي في جامعه - من حديث ابن عباس - هذا الحديث، وقال فيه: " عليك بالحجامة يا محمد " (7).