العام، ما يناسب الشيطان بمادته وفعله -: كان للشيطان (1) إعانة عليه، وتنفيذا له، وكانت النار تطلب بطبعها العلو والفساد. (و) (2) هذان الأمران - وهما: العلو في الأرض، والفساد. - هما هدى الشيطان، وإليهما يدعو، وبهما يهلك بني آدم. فالنار والشيطان كل منهما يربد العلو في الأرض والفساد. وكبرياء الرب عز وجل تقمع الشيطان وفعله.
ولهذا كان تكبير الله عز وجل، له أثر في إطفاء الحريق. فإن كبرياء الله عز وجل لا يقوم لها شئ، فإذا (3) كبر المسلم ربه: أثر تكبيره في خمود النار وخمود الشيطان التي هي مادته، فيطفئ الحريق. وقد جربنا نحن وغيرنا هذا، فوجدناه كذلك. والله أعلم.
فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظ الصحة لما كان اعتدال البدن وصحته وبقاؤه، إنما هو بواسطة الرطوبة المقاومة للحرارة -:
فالرطوبة مادته، والحرارة تنضجها وتدفع فضلاتها، وتصلحها وتلطفها. وإلا: أفسدت البدن ولم يمكن قيامه. وكذلك الرطوبة: هي غذاء الحرارة، فلولا الرطوبة: لأحرقت البدن وأيبسته وأفسدته. فقوام كل واحدة منهما بصاحبتها، وقوام البدن بهما جميعا. وكل منهما مادة للأخرى، فالحرارة مادة للرطوبة: تحفظها وتمنعها من الفساد والاستحالة، والرطوبة مادة للحرارة: تغذوها وتحملها. ومتى مالت إحداهما إلى الزيادة على الأخرى: حصل لمزاج البدن الانحراف، بحسب ذلك. فالحرارة دائما تحلل الرطوبة، فيحتاج البدن إلى ما به يخلف عليه ما حللته الحرارة - ضرورة بقائه - وهو: الطعام والشراب. ومتى زاد على مقدار التحلل: ضعفت الحرارة عن تحليل فضلاته، فاستحالت مواد رديئة: فعاثت في البدن وأفسدت، فحصلت الأمراض المتنوعة بحسب تنوع موادها، وقبول الأعضاء واستعدادها.