ولا يفضحه بين الناس ويعرضه للأذى، فإنه يكون ظالما متعديا.
ولا يغتر بالحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم - الذي رواه سويد بن سعيد، عن علي بن مسهر، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه عن (1) ابن مسهر أيضا، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وراه الزبير بن بكار، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون (2)، عن عبد العزيز بن حازم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من عشق فعف فمات، فهو شهيد "، وفى رواية: " من عشق وكتم وعف وصبر، غفر له الله وأدخله الجنة ".
فإن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن يكون من كلامه. فإن الشهادة درجة عالية عند الله، مقرونة بدرجة الصديقية، ولها أعمال وأحوال هي (3) شرط في حصولها. وهى نوعان: عامة وخاصة، فالخاصة: الشهادة في سبيل الله. والعامة خمس مذكورة في الصحيح ليس العشق واحدا منها. وكيف يكون العشق - الذي هو شرك في المحبة، وفراغ عن الله، وتمليك القلب والروح والحب لغيره - تنال به درجة الشهادة؟!
هذا من المحال: فإن إفساد عشق الصور للقلب فوق كل إفساد، بل هو خمر الروح: الذي يسكرها، ويصدها عن ذكر الله وحبه، والتلذذ بمناجاته، والانس به، ويوجب عبودية القلب لغيره. فإن قلب العاشق متعبد لمعشوقه، بل العشق لب العبودية: فإنها كمال الذل والحب والخضوع والتعظيم. فكيف يكون تعبد القلب لغير الله، مما تنال به درجة أفاضل الموحدين وساداتهم وخواص الأولياء؟! فلو كان إسناد هذا الحديث كالشمس: كان غلطا ووهما. ولا يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ العشق، في حديث صحيح البتة.
ثم: إن العشق منه حلال، ومنه حرام. فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم، أنه يحكم على كل