وقد تقدم ذكر التمر وطبعه ومنافعه في حرف التاء، والكلام على دفع العجوة للسم والسحر.
فلا حاجة لإعادته (1).
4 - (عنبر). تقدم (2) في الصحيحين، من حديث جابر، في قصة أبى عبيدة وأكلهم من العنبر نصف شهر، وأنهم تزودوا من لحمه وشائق إلى المدينة، وأرسلوا منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهو أحد ما يدل: على أن إباحة ما في البحر لا يختص بالسمك، وعلى أن ميتته حلال.
واعترض على ذلك: بأن البحر ألقاه حيا، ثم جزر عنه الماء فمات. وهذا حلال: فإن موته بسبب مفارقته للماء.
وهذا لا يصح: فإنهم إنما وجدوه ميتا بالساحل، ولم يشاهدوه قد خرج عنه حيا، ثم جزر عنه الماء. (وأيضا): فلو كان حيا لما ألقاه البحر إلى ساحله، فإنه من المعلوم أن البحر إنما يقذف إلى ساحله الميت من حيواناته، لا الحي منها.
(وأيضا): فلو (3) قدر احتمال ما ذكروه، لم يجز أن يكون شرطا في الإباحة: فإنه لا يباح الشئ مع الشك في سبب إباحته. ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من أكل الصيد: إذا وجده الصائد غريقا في الماء، للشك في سبب موته: هل هو الآلة؟ أم الماء؟.
وأما العنبر الذي هو أحد أنواع الطيب، فهو من أفخر أنواعه بعد المسك. وأخطأ من قدمه على المسك، وجعله سيد أنواع الطيب. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال في المسك:
" هو أطيب الطيب ". وسيأتى - إن شاء الله تعالى - ذكر الخصائص والمنافع التي خص بها المسك، حتى إنه طيب الجنة. والكثبان - التي هي مقاعد الصديقين هناك - من مسك لا من عنبر.
والذي غر هذا القائل: أنه لا يدخله التغير على طول الزمان، فهو كالذهب. وهذا لا يدل