(وأيضا): فإن محبته للسواك أعظم من محبته لبقاء خلوف فم الصائم.
(وأيضا): فإن السوك لا يمنع طيب الخلوف - الذي يزيله السواك -: عند الله يوم القيامة: بل يأتي الصائم يوم القيامة: وخلوف فمه أطيب من المسك، علامة على صيامه، ولو أزاله بالسواك. كما أن الجريح يأتي يوم القيامة: ولون دم جرحه لون الدم، وريحه ريح المسك. وهو مأمور بإزالته في الدنيا.
(وأيضا): فإن الخلوف لا يزول بالسواك. فإن سببه قائم، وهو: خلو المعدة عن الطعام.
وإنما يزول أثره، وهو المنعقد على الأسنان واللثة.
(وأيضا): فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أمته ما يستحب لهم في الصيام، وما يكره لهم.
ولم يجعل السواك من القسم المكروه: وهو يعلم أنهم يفعلونه: وقد حضهم عليه بأبلغ ألفاظ العموم والشمول: وهم يشاهدونه يستاك وهو صائم، مرارا كثيرة تفوت الاحصاء. ويعلم أنهم يقتدون به. ولم يقل لهم يوما من الدهر: لا تستاكوا بعد الزوال. وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع. والله أعلم.
4 - (سمن). روى محمد بن جرير الطبري بإسناده - من حديث صهيب، يرفعه -:
" عليكم بألبان البقر: فإنها شفاء، وسمنها دواء، ولحومها داء ". رواه عن أحمد بن الحسن الترمذي: حدثنا محمد بن موسى النسائي، حدثنا دفاع بن دغفل السدوسي، عن عبد الحميد ابن صيفي بن صهيب، عن أبيه، عن جده. ولا يثبت ما في هذا الاسناد.
والسمن حار رطب في الأولى. وفيه جلاء يسير، ولطافة، وتفشية للأورام الحادثة من الأبدان الناعمة. وهو أقوى من الزبد: في الانضاج والتليين. وذكر جالينوس:
" أنه أبرأ الأورام الحادثة في الاذن، وفى الأرنبة ". وإذا ذلك به موضع الأسنان:
نبت سريعا.
وإذا خلط عسل ولو زمر: جلا ما في الصدر والرئة، والكيموسات الغليظة اللزجة.
إلا أنه ضار بالمعدة: سيما إذا كان مزاج صاحبها بلغميا.