فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج عرق النساء روى ابن ماجة في سننه - من حديث محمد بن سيرين عن أنس بن مالك - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " دواء عرق النساء: ألية شاة أعرابية تذاب، ثم تجزأ ثلاثة أجزاء، ثم تشرب على الريق: في كل يوم جزء " (1).
عرق النساء: وجع يبتدئ من مفصل الورك، وينزل من خلف على الفخذ، وربما امتد على الكعب. وكلما طالت مدته: زاد نزوله ويهزل معه الرجل والفخذ.
وهذا الحديث فيه معنى لغوى، ومعنى طبي.
فأما المعنى اللغوي: فدليل على جواز تسمية هذا المرض: بعرق النساء، خلافا لمن منع هذه التسمية، وقال: النساء هو العرق نفسه، فيكون من باب إضافة الشئ إلى نفسه.
وهو ممتنع.
وجواب هذا القائل من وجهين: (أحدهما): أن العرق أعم من النساء، فهو من باب إضافة العام إلى الخاص. نحو: كل الدراهم (أ) (2) وبعضها. (الثاني): أن النساء هو المرض الحال بالعرق، والإضافة فيه من باب إضافة الشئ إلى محله وموضعه (3). قيل: وسمى بذلك: لان ألمه ينسى ما سواه. وهذا العرق ممتد من مفصل الورك، وينتهى إلى آخر القدم وراء الكعب، من الجانب الوحشي فيما بين عظم الساق والوتر.
وأما المعنى الطبي، فقد تقدم: أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم نوعان، (أحدهما): عام بحسب الأزمان والأماكن، والاشخاص والأحوال. (والثاني): خاص بحسب هذه الأمور أو بعضها. وهذا من هذا القسم: فإن هذا خطاب للعرب وأهل الحجاز ومن جاورهم، ولا سيما أعراب البوادي. فإن هذا العلاج من أنفع العلاج لهم، فإن هذا المرض: يحدث من يبس، وقد يحدث من مادة غليظة لزجة. فعلاجها بالاسهال. " والالية " فيها