يرضيها، ليكون لها الخطيب المنشود، والحبيب الودود، بلهجة صادقة، وعبارات شائقة، ونفس واثقة، فبادلته بود وصفاء، بعد أن أقسم يمين الولاء بكل مقدس في الأرض والسماء، آنذاك جدد العناق، وشد على جيدها وخصرها أطواقا، وبادلته بمثلها، ونزعا كل حشمة، فلا رقيب يخشى، ولا سر يفشى، وأطلقت الكبت المضني، فبادلها بلهفة وهيام، ولوعة وضرام، وتماديا سويعات مرت ساحرة، أدركا فيها نعمة الوصال ونشوته، ونعمة الحب في ذروته.
هناك عاودته الذكريات وقال: أكانت كل تلك ألعوبة مصطنعة ومكيدة أجرتها معه؟! فاستشاط غيظا، وأبى أن يكون صيدا لفخها، وأسيرا لوجدها، وتلملمت عليه خواطر مثيرة، وللانتقام مشيرة، وكأن لحظاتها القاسية دهورا مريرة متمادية.
وما أن طرقت الباب، وأقبلت بوجهها الناعم المليح، وبطفلها الباسم الصبيح، حتى أدركت آلامه، فحيته بدلال وقالت: إن عز عليك الفراق فقد أسعفتك بالوصال، بيد أنه سرعان ما أفاض بمكنوناته وخصامه، وما شرحته في مذكراتها بتمامه، فهونت عليه الخطب، واعترفت بصدر رحب: أنها لا تنكر ما ذكر، وسردت له حقائق فيها العبر، وأنها كانت تبحث عن حبيب تهبه الفؤاد، ويكون شريك حياتها دون العباد، فألفت فيه بغيتها، ووضعت فيه ثقتها، فكان المرام، وألقت إليه بالزمام، أمينة مطيعة، ومخلصة متواضعة، لا ترى غيره في حياتها حبيبا أو سلوة وأمينا سواه يكون لها قدوة، واستعطفته متسائلة: أوجدتني منذ واصلتك ناكلة، وبعطفي لك خاملة، أتؤاخذني على بحثي عنك، وودادي لك، وهل داهمك قبلها وبعدها شك؟! وهذا سامر ثمرتنا اليانعة، وأنا في حبك مخلصة طائعة، فماذا ترجوه بعد مني وممن تهوى، أغير أن أكون ذات روح مرحة، فماذا أخذت علي يا حبيبي؟