يكتفون من الحياة بتوجيه الانتقاد إلى الآخرين، وضعفاء العقول المصابون بالشذوذ العاطفي، والخلاصة أولئك الذين لا يتجاوز عمرهم العقلي أكثر من 10 سنين أو 12 سنة. ومما لا ريب فيه أن هذا النقص منشؤه وراثي إلى حد بغيد، ولكن ليس بمقدورنا أن نعين نسبة العوامل الوراثية إلى العوامل التربوية (البيئية) في توليد هذه العاهات. ومع ذلك فإن النماذج الإفراطية من ضعف العقل الاختلال الروحي والبكم والبلادة تدل بوضوح على وجود عيوب وراثية - بدنية وروحية -» (1).
ومن هنا يتضح لنا السر في أن الدين الاسلامي الحنيف يعتبر الصفات الرذيلة والملكات الذميمة والتمادي في الاجرام في عداد الأمراض الخطرة. فالخلق السيء ليس سببا للأمراض الروحية والعصبية فحسب، بل يؤدي أحيانا إلى اختلالات بدنية عظيمة، مما يؤدي إلى إصابة صاحب الأخلاق السيئة بأمراض جسدية، وهكذا نجد الأمهات المصابات بالانحرافات الخلقية والأمراض المعنوية يلدن أطفالا مصابين أيضا.
وهنا نكتة مهمة: وهي أن الأمراض الجسدية يمكن أن تكشف بسرعة لظهور بوادرها كالحمى وما شاكلها، ولكن المصابين الأمراض الروحية ومضاعفاتها ومخلفاتها ليس فيهم بوادر ومقدمات، ولذلك فإن المصاب لا يلتفت إلى الخطر، إلا عندما يتأصل فيه المرض ويستبد به الانحراف... حيث يكون أحيانا غير قابل للتدارك أصلا.
ومن المؤسف له أن أكثر الناس في العالم (ومن ذلك بلادنا أيضا) يصرفون جل اهتمامهم إلى الجهات المادية فقط، غافلين عن الجهات المعنوية ولهذا السبب بالذات فإنهم يتلقون الفضائل الخلقية والمثل الانسانية والتقوى على أنها أمور حقيرة حتى أن البعض يفرضون أنفسهم في غنى منها.