والسر في هذا القضاء العادل والحكم الدقيق واضح، لأنه اعتبر ملاك الحكم هو المركز العصبي، إذ عليه المعول في توجيه الانسان، فإن كانت قيادة واحدة توجه البدنين والرأسين فهو شخص واحد. ولكن إذا كان يدير كل قسم جهاز عصبي مستقل عن الآخر، فهما بدنان، وأحسن طريقة لمعرفة أن الجهاز العصبي الذي يدير الجسم في هذا الانسان واحد أو اثنين هو إيقاظه من النوم.
فكما أن الشخص الواحد تدار عيناه بواسطة جهاز واحد، وهما يشبهان مصباحين مربوطين بزر واحد يشتعلان ويطفأ معا، فلا يمكن أن تكون إحدى العينين يقظة والأخرى نائمة ... كذلك الرأسان والعيون الأربعة، فإن كانت تدار كلها بجهاز عصبي واحد، فلا يمكن أن يكون أحد الرأسين بهدوء، وبقي الثاني نائما، فيدل هذا على أن لهما دماغين مختلفين يصدران إرادتين متباينتين، ويستجيبان لأثرين متضادين، فكأنهما طفلان نائمان في فراش واحد متشابكان تماما. ومع ذلك فيستيقظ أحدهما قبل الآخر.
وبالرغم من خفاء كثير من أسباب هذه الانحرافات على البشر، فإن لنا أن نقطع بأن حدوث أي عيب في الخلية التناسلية الأولى يؤدي إلى أن يصير الطفل في وضع غير اعتيادي ، كما ثبت ذلك في بعض الحيوانات حين أجريت تجارب عديدة عليها.
«لقد استطاع شابري أن يوجد أجنة غير اعتيادية بإيجاد خدوش في الخلايا الأولية وقد نال هذا الابداع بالخصوص استحسانا بالغا، لأن إجراء الاختبارات على خلايا بيضة لا يتجاوز طولها 1 % - 2 % المليمتر ليس أمرا سهلا» (1)