طبيعية قد طرأت على الجهاز الجنسي والرغبات الجنسية للمريض وعليه فإنه يرجعه إلى حالته الأولى بصورة تدريجية حسب التعاليم النفسية الدقيقة، ويقلص من إطار مسؤوليته شيئا فشيئا حتى يصل إلى نقطة الاختلال الباعثة على الانحراف في جهازه الجنسي، هذه هي خلاصة نظرية (فرويد) في العلاج النفسي...» (1) هذا هو موجز الاكتشاف العظيم الذي راه فرويد والفرويديون منشأ التحول في العلاج النفسي الحديث. أما كيف استدل فرويد على أن أي اختلال روحي يستند إلى حدوث شيء في الغريزة الجنسية؟! أما كيف لا يكون التطور الحادث في الغريزة الجنسية هو المسبب عن حدوث الاختلال الروحي؟... فذلك ما لا يريد أن يفهمه فرويد واتباعه، نعم! إن كان فرويد يدعي أن أكثر الاختلالات الروحية تستند إلى الغريزة الجنسية فلربما كان يلاقي كلامه هذا قبولا من القارئ، وكان يؤدي به إلى أن يفكر في نفسه أن فرويد كان باحثا عميقا وأنه استند إلى الاحصاءات الدقيقة للأمراض الروحية ووصل إلى هذه النتيجة، أما حين يسمعه يقول:
«إذا واجه طبيب اختلالا روحيا - مهما كان جزئيا - يمكن أن يحكم بصورة قطعية على أن حادثة غير طبيعية قد طرأت على الجهاز الجنسي والرغبات الجنسية للمريض...» هنا يقطع الانسان بأن القائل قد وقع تحت تأثير الغريزة الجنسية إلى درجة أنه لا يتمالك على نفسه من الهذيان والتطاول بالباطل.
لنفرض عاملا فنيا قد قضى أربعين سنة في عمل ما، أصيبت عينه في أثناء العمل فدخل المستشفى، وصرف جميع ما يملك في هذا السبيل وفقد بصره في النهاية. إن التفكير في العمى والبطالة والفقر والبؤس يقض عليه مضجعه، وأخيرا يؤدي به إلى الاختلال الروحي، وحين يفحصه الطبيب