مختلفة إلى هذا الحين ... ولكن المؤسف أن الأمر على عكس ما يريده لنا القرآن. فنجد تقليد المدنية الحديثة في علومها وتكاملها وفي مجالات البحث والاختراع أقل - بكثير - من تقليدها في مجالات الانقياد للشهوات وشرب الخمر والميوعة والتحلل والفساد. فبينما نجد الشرقيين يسبقون الغرب في الجانب الثاني، نجدهم في ركب متأخر عنهم في الجانب الأول ومع ذلك كله، فالأمل لا يزال يحدونا إلى استعادة استقامة سلوكنا والأخذ بمنهجنا القرآني الصحيح الكافل لسعادتنا ورقينا وازدهارنا، والفرصة لا تزال سانحة للرجوع إلى اقتباس ما هو حسن وصالح من الغرب، وترك ما هو مضر وفاسد فيه.
... هذا فيما يخص الجهة الأولى من استشهادنا بأقوال العلماء الغربيين وبحوثهم في محاضراتنا هذه.
أما بالنسبة إلى الجهة الثانية، فهي أن يتعرف المسلمون على حقيقة دينهم كثر فأكثر ، ذلك لأننا نحاول - في محاضراتنا هذه - أن نستقصي الآيات القرآنية والنصوص الواردة بشأن (تربية الطفل) وما يتعلق به، ونبحث عن الجوانب العلمية والنفسية التي أتت عليها، ثم نستشهد - بالمناسبة - بنص العبارات الواردة في بحوث علماء النفس والتربية الغربيين وكتبهم، وبذلك نقارن بين ما ورد في تعاليم الاسلام وما ورد في بحوث أولئك العلماء، فتتضح عظمة التعاليم الاسلامية للملأ، ويعرف المسلمون أن البحوث والتحقيقات التي يجريها علماء الغرب والجهود التي يبذلونها للوصول إلى الحقائق العلمية ليست أمرا جديدا للبشرية، بل جاء نبي الاسلام وأوصياؤه من بعده يشيرون إليها قبل أربعة عشر قرنا، ويفيضون بها على الناس من منبع الالهام والوحي الآلهي.
وبديهي أنه كلما ظهرت القيمة العلمية للاسلام أكثر، ازداد الناس - والطبقة المثقفة منهم بالخصوص - إذعانا وإحتراما لعظمة الاسلام والقرآن. وأي هدف أعظم من توجيه عقول البشرية إلى نور الاسلام وعظمته؟!.