وعمل على نشر تعاليمه متبعا في ذلك سيرة النبي ولم ينحرف عن الصراط المستقيم قدر شعرة إلى آخر حياته.
ونموذج آخر للتربية الصالحة نجده في التاريخ المشرق للامام الحسين بن علي (ع) فهو غير خفي على أحد. فلقد خلدت القرون المتمادية شهامة الحسين وتضحيته، إيثاره وعظمته في إعلاء كلمة الحق والعدالة، ولم يغب ذلك كله عن أذهان البشرية على مر الأجيال.
ولقد تباهى ذلك الامام العظيم كوالده بطهارة أسرته العريقة في أحرج المواقف. وتحدث عن تربية عائلته له آنذاك قائلا: «ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين:
بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت» (1).
أجل! فلقد قال الله تعالى: «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين» (2) والامام الحسين (ع) هو نفسه من المؤمنين وهو قائد المؤمنين وعليه يجب أن لا ينصاع لقوى الظلم والبغي. وأما دليله الثاني فهو أنه من أسرة أنفت الذل وأبت الضيم. وكأنه يقول:
إني تربيت في حجر الرسول الأعظم (ص) وعلي بن أبي طالب والصديقة الزهراء، لقد نشأت على الشرف والاباء... كان بيتنا الصغير منبع الفضيلة والشهامة، ولم تجد الحقارة طريقا لها إلى أسرتنا... لقد تربيت في أحضان من عاشوا حياة ملؤها العز والحرية، فكيف أرضى بالذلة والخضوع متناسيا ثروتي العائلية؟! هذا مستحيل، فلن أبايع يزيد أبدا ولا أخضع لأوامره...
هذه الشهامة والعزة، وهذا الإباء والشرف... نتيجة التربية الأصلية في الأسرة، التربية النابعة من حنان الوالدين وحبهما، ذلك الحب الممزوج بالإيمان، التربية التي ملؤها الصفاء والخلاص والطهارة والواقعية.
... إن رياض الأطفال أعجز من أن تربي أولادا كهؤلاء. فهي مؤسسة