أكمل وجه في هذا الرجل الإلهي. إنه معلم مدرسة الانسانية ومثلها الأعلى. فلقد خضع له الصديق والعدو، المسلم وغير المسلم، وكل من اطلع على تاريخه المشرق النير.
هذه الشخصية الإلهية الكبيرة نجده يفخر بكل صراحة بالتربية التي تلقاها في أيام طفولته ويتحدث لنا عن الثروة المعنوية الضخمة التي حصل عليها في تلك المرحلة من حياته الشريفة، ويتباهى بمربيه العظيم نبي الاسلام القدير فيقول: «وقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القربية والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويمسني جسده ويشمني عرفه» (1).
... ثم يستطرد فيقول: «يرفع لي في كل يوم علما من أخلاقه ويأمرني بالاقتداء به » (2) لقد تشبعت جميع الميول العقلية والعاطفية للامام علي (ع) في فترة الطفولة في حجر النبي الحنون، فلقد أروى عواطفه بالمقدار الكافي من ينبوع محبته وعطفه من جهة ولقد أعطاه دروسا في الأخلاق وأمره باتباعها من جهة أخرى.
ومن كان في طفولته واجدا لأثمن الذخائر الروحية والمادية من الوجهة الوارثية، ومن ناحية التربية قد تلقى المثل في أطهر أسرة وكان مربيه الرسول الأعظم (ص) جدير بأن يكون في الكبر قائد السعادة البشرية وأمير جيش الإيمان والتقوى...
إن الأساليب التربوية العميقة الحكيمة التي اتخذها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مع علي (ع) قد أحيت جميع مواهبه الكامنة وأوصلته في مدة قصيرة إلى أعلى مدارج الكمال، فلقد تقبل الاسلام في العاشرة من عمره عن وعي وإدراك